مِن أسبابِ العداوةِ والبَغضاءِ
+2
تسنيم الجنان
عبيدالله
6 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مِن أسبابِ العداوةِ والبَغضاءِ
بسم الله الرحمن الرحيم
مِن أسبابِ العداوةِ والبَغضاءِ
مِن أسبابِ العداوةِ والبَغضاءِ
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسَّلام على نبينا محمد المصطفى الأمين وآله وأصحابه ومن تبعهم إلى يوم الدين.الحمد لله الذي أنعم على عباده المؤمنين بالهداية والإعتصام بحبله المتين، وجمعهم على الحق ووقاهم شرَّ التّشاحن وذلَّ التَّخادل، ومنَّ عليهم بالإخاء والألفة، وجنَّبهم الاختلاف والفرقة.
أما بعد:
فإنّه لا يستقيم للناس حال فى دنياهم ومآلهم إلاَّ بالاتفاق والائتلاف واجتناب التَّنابذ والاختلاف، وترك التشاحن والتباغض؛ لأنّ عواقبها وخيمة، ونتائجها أليمة، وهذا يمنع نزول الخير، ويرفع البركة، ويرث الضغينة، والقطيعة بين المسلمين، ويؤدي إلى التناحر والتَّقاتل.وإنَّ للتشاحن والتّباغض أسبابًا كثيرة تعكّر صفاء القلوب وتملأها حقدًا وغلًّا، ومن هذه الأسباب:1) إغواء الشَّيطان:فعن جابر -رضي الله عنهُ- قال: سمعت رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- يقول:
"..ألاَ إنَّ الشَّيطان قَدْ أَيسَ-أاي: يئس- أنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ فى جَزِيرَةِ العَرَبِ، ولَكِنْ فى التَّحريشِ-الإغراء على الشيء- بَيْنَهُمْ " رواه مسلم (212).هذا الحديث ذكره النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- فى حجة الوداع، وقوله: "المصلُّون" إشارة إلى أنَّ أهل الصلاة هم الذين لا تكون فيهم عبادة الشيطان، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأعظم المنكر الذي تنهى عنه الصلاة هو: الشِّرك بالله-جل وعلا- فيكون الشيطان بذلك يئس أن يعبده من أقام الصلاة على حقيقتها.
و" التَّحريشِ" قد فسّر بعدة معان متقاربة؛ فقيل: الحمل على الفتن والحروب، وقيل: الإغراء وتغيير القلوب والتقاطع، وقيل: الإفساد...2) البدعـة:قال رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: "عليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الذين يأتُون من بعدي عضوا عليها بالنَّواجذ ".
إن صاحب البدعة ينتصر لبدعته، وهي سبب تفرُّق الأمة أحزابًا وشيَعًا، قال أبو العالية -رحمه الله-: "عليكم بسُنَّة نبيِّكم -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، وما كان عليه أصحابه -رضي الله عنهم-، وإياكم وهذه الأهواء التى تلقي بين الناس العداوة والبغضاء." (الإبانة الكبرى1/338).
قال صاحب "الابانة": "أعاذنا الله وإياكم من الآراء المخترعة، و الأهواء المتبعة، و المذاهب المبتدعة، فإن أهلها خرجوا عن اجتماع إلى شتات، وعن نظام إلى تفرق، وعن أنس إلى وحشة، وعن ائتلاف إلى اختلاف، وعن محبة إلى بغضة، وعن نصيحة وموالاة إلى غش ومعاداة، وعصمنا وإياكم من الانتماء إلى كل اسم خالف الإسلام والسنة."(الابانة الكبرى1/388).3) الغضب:و هو مدخل عظيم من مداخل الشيطان، وبابٌ واسع يصطاد الشيطان فرائسه من خلاله؛ لأن الغضب يُخرج الإنسانَ مِن وعيه، فيفعل ما لا يحمد عُقباه، ثم يندم على ذلك.
قال ابن رجب -رحمه الله-: " مدح الله مَن يغفر عند غضبه، فقال: {وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرونَ} [الشورى 38]؛ وعن ابن عباس -رضيَ الله عنهُ- في تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم} [فصلت34]، أمر الله المؤمنين بالصبر، والحلم عند الجهل والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان، و خضع لهم عدوّهم كأنه وليٌّ حميم. (رواه البخاري3108).4) الحسد:و هو داء عظيم من أدواء النفس، لا يُشفى سقيمه ولا يُرقى سليمُه مع ما فيه من إفساد الدِّين وأضرار البدن؛ والحسد عقيد الكفر، وحليف الباطل، وضد الحق، منه تتولد العداوة، وهو سبب كلِّ قطيعة، ومُفرق كل جماعة، وقاطعة كل رحِم من الأقرباء، ومحدِثِ التَّفرُّق بين القرناء، وملحق الشَّر بين الحلفاء. و ليس شيء أعظم ضررًا من الحسد، قال رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: " دَبَّ إِلَيْكُم دَاءُ الأُمَمِ مِنْ قَبْلِكُمْ: الحَسَدْ والبَغْضَاءُ". (رواه الترمذي2510).5) اتباع الهوى:قال الله تعالى: {فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوى أَن تَعْدِلُواْ} [النساء135].
إن أصل العداوة والشر والحسد الواقع بين الناس؛ من اتباع الهوى، فمن خالف هواه أراح قلبه وبدنه وجوارحه؛ فاستراح وأراح؛ فانظر ماذا يتولد عن التباغض من الشر والعداوة وترك الحقوق وغيرها، وإن اتباع الهوى مظنَّة الظلم والبغي.
قال ابن رجب -رحمه الله-: "لمـا كثر اختلاف النَّاس في مسائل الدِّين وكثر تفرُّقهم؛ كثر بسبب ذلك تباغُضهم وتلاعنهم، وكل منهم يظهر أنه يبغض لله، وقد يكون في نفس الأمر معذورًا، و قد لا يكون معذورًا، بل لا يكون مُتَّبعا لهواه، مُقصِّرا في البحث عمَّا يبغض عليه" (جامع العلوم والحكم330).6) النَّميمة:قال رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: " لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ "(قَتَّاتٌ: هو النَّمَّام)، رواه البخاري (5709).
إن النميمة مرض فتّاك، يفتك تآلف المسلمين فيما بينهم، فكم مزِّقت من محبة، وكم فُرقت من قرابة، وكم أوقدت من فتنة؛ فأوغرت القلوب وغيرت الصدور.
فاحذر –أخي المسلم-من النميمة فإنها من أمراض النفوس، وهي داء خبيث يجري على الألسن:فيهدم الأسر، ويفرق الأحبة ويقطع الأرحام.7) المراء والجدال والخصام:إن كثرة المراء والجدال مدعاة للخصومة، و مجلبة للبغضاء والضغينة، و الجِدال يقسِّي القلوب، و هو سبب للقطيعة، والمسلم إذا كان كثير المجادلة كان مذمومًا عند الناس؛ لذا قال بعض السلف: "إذا رأيت الرَّجل لجوجًا مماريًا معجبًا برأيه؛ فقد تمّت خسارته ".
وقال الإمام مالك -رحمه الله-: "المراء يُقسِّي القلوب ويورث الضغائن".
وقال بعضهم:" ما رأيت شيئًا أذهب للدِّين ولا أنقص للمروءة، ولا أضيع للذة، ولا أشغل للقلب من الخصومة". (الأذكار للنووي 296).البغي في المسائل التّي يسوغ الخلاف فيها:إن السلف -رضي الله عنهم- لم يدخل قلوبهم شيء من الغّل والبغض لأحد من إخوانهم بمجرد مخالفته لهم، فهذا الإمام أحمد كان يذكر إسحاق بن راهويه فيمدحه ويثني عليه، ويقول: "لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق، وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضًا." (سير أعلام النبلاء(11/371)).9) التَّعصُب لغير الحقِّ:يقول شيخ الإسلام: "ومن نصب شخصًا كائنا من كان؛ فوالى وعادى على موافقته في القول والفعل، فهو {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا..}[الزمر32]، و ليس لأحد أن يدعو إلى مقالة أو يعتقدها لكونها قول أصحابه ولا يناجز عليها، بل لأجل أنها ممَّا أمر الله به ورسوله أو أخبر الله به ورسوله؛ لكون ذلك طاعة لله ورسوله"(مجموع الفتاوى8/20-9).10) ظنُّ السُّوء بالمسلم:يقول النبيُ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: "إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ! فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَب الحَدِيثِ"(متفق عليه).
و لذا فعلى المسلم أن يحسن الظن بإخوانه كما يحب هو أن يكون ظنُّهم به حسنًا؛ والظُّنون السيئة لا تصدر إلا من قلوب لا تخلو من السيئات؛ فتطلب لغيرها الثغرات. نسأل الله العافية.11) التنافس على الدُّنيا والرياسة:حبُّ الرياسة وطلب الجاه لنفسه من غير توصُّل إلى مقصود، ومن علامة ذلك كراهة الرَّجل لغيره أن يتصدَّر في العلم والخير والسُّنّة، وانطلاق الألسنة في الثَّناء عليه، وفي هذا مشابهة لليهود الذين ذمّهم الله -عز وجل- بقوله: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَآءَتَاهُمُ اللهُ من فَضلِهِ} [النساء54].12) اختلاف الصُّفوف في الصلاة:عن النعمام بن بشير -رضي الله عنه- قال:سمعت رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- يقول: " لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَو لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بينَ وُجُوهِكُم "(البخاري ومسلم). وفى رواية: " بين قُلُوبِكُم "(أبو داود662).
قال النَّووي -رحمه الله-: " معناه يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف القلوب، كما يقال: تغيَّر وجه فلان عليَّ، أي: ظهر لي من وجهه كراهة لي، وتغير قلبُه علي؛ لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم، واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن " (شرح النووي على مسلم).13) النَّجوى بين المسلمين:جاء في الحديث عن النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-:" لاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ "(رواه البخاري)؛ -أي: إذا كانوا ثلاثة لا يتسامع اثنان من دون الثَّالث-من أجل أنَّ ذلك يحزنه، ومثله إذا كانوا ثلاثة؛ فتحدُّث اثنان بلغة لا يعرفها الثَّالث؛ لأنَّ ذلك يحزنه، وهذا من عمل الشيطان، قال الله تعالى: {إنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذينَ ءَامَنُوا} [المجادلة10].14)كثرة المزاح:إن لكثرة المزاح آثارًا سيئة ؛ قال ابن عبد البر -رحمه الله-: " وقد كره جماعة من العلماء الخوض في المزاح؛ لما فيه من ذميم العاقبة، ومن التَّوصُّل إلى الأعراض، واستجلاب الضغائن، وإفساد الإخاء" (بهجة المجالس لابن عبد البر3/569).
وإن الأمر إذا تجاوز عن حده انقلب إلى ضده، قال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: " إياكم والمزاح؛ فإنه يورث الضغينة ويجر إلى القبيح "، وقيل: " لكل شيء بذوره وبُذور العداوة المزاح "، قال الله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} [الإسراء 53].15) دسائس أهل النفاق:أهل النفاق الذين يندسون في صفوف المؤمنين لإيقاع العداوة والبغضاء؛ لأنهم يحزنهم أن ترجع هذه الأمة إلى دينها وتجتمع على مذهب سلفها الصالح، " فالأمة الإسلامية أمة واحدة، ...فيجب أن يكون مظهرها واحد لا يختلف؛ لأن الأمة الإسلامية لها أعداء يعلنون العداوة صراحة، و هم الكفار الصرحاء مثل اليهود والنصارى والمجوس والوثنيين والشيوعيين وغيرهم، ولها أعداء يخفون عداوتهم مثل المنافقين، وما أكثر المنافقين في زماننا ...قال تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [التوبة 47].
اللهم سلم صدورنا وقلوبنا من الغل والحسد واجعلنا من الذين قلت فيهم: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر10].و الله تعالى أعلمو صلى اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرا.
بقلم: نجيب سلطاني / من "مجلة الإصلاح" (ص56).
عبيدالله- عضـو جديد
- عدد المساهمات : 7
نقاط : 4935
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/06/2011
العمر : 49
رد: مِن أسبابِ العداوةِ والبَغضاءِ
موضوع مهم للغاية أخي عبيد الله
بارك الله فيك و جزاك الله الفردوس الأعلى
بارك الله فيك و جزاك الله الفردوس الأعلى
رد: مِن أسبابِ العداوةِ والبَغضاءِ
بارك الله فيكم
واثابكم
واحسن اليكم
واثابكم
واحسن اليكم
أبو الجود- نائب المدير
- عدد المساهمات : 189
نقاط : 5203
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 05/05/2011
رد: مِن أسبابِ العداوةِ والبَغضاءِ
فعلا كلها اسباب تؤدى الى العداوة والبغضاء
جزاك الله كل خير اخى الفاضل واحسن الله اليك
اثقل الله بصالح اعمالك ميزان حسناتك واثابك خير الثواب
جزاك الله كل خير اخى الفاضل واحسن الله اليك
اثقل الله بصالح اعمالك ميزان حسناتك واثابك خير الثواب
sawsan- شخصية مميـزة
- عدد المساهمات : 1070
نقاط : 7110
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 22/04/2011
فتى الاسلام- شخصية مميـزة
- عدد المساهمات : 549
نقاط : 5770
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/04/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى