الاعتبار بمرور الأيام والأعوام
صفحة 1 من اصل 1
الاعتبار بمرور الأيام والأعوام
الاعتبار
بمرور
الأيام
والأعوام
قال
تعالى
:
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأولِي الأَلْبَابِ [آل عمران/190]
و
قال
تعالى
:
إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ والأرض لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ [يونس/6]
و
قال
تعالى
:
يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأولِي الأبْصَارِ[النور/44]
* * *
في هذه الآيات الكريمات يخبر الله
تعالى
عن الآيات الكونية الدالة
على كمال علمه وقدرته ، وتمام حكمته ورحمته ، ومن ذلك اختلاف
الليل والنهار ، وذلك بتعاقبهما ، واختلافهما بالطول والقصر ،
والحر والبرد والتوسط ، وما في ذلك من المصالح العظيمة لكل ما
على الأرض ، وكل ذلك من نعم الله
تعالى
ورحمته بخلقه ، الذي لا
يدركه إلا أصحاب العقول السليمة والبصائر النَّيِّرة ، الذين يدركون
حكمة الله
تعالى
في خلق الليل والنهار والشمس والقمر ، ويدركون
ما في تعاقب الشهور
والأعوام
، وتوالي الليالي و
الأيام
.
والله
تعالى
جعل الليل والنهار خزائن للأعمال ، ومراحل للآجال ،
إذا ذهب أحدهما خلفه الآخر ، لإنهاض همم العاملين إلى الخيرات ،
وتنشيطهم على الطاعات ، فمن فاته الورد بالليل استدركه بالنهار ،
ومن فاته بالنهار استدركه بالليل ،
قال
تعالى
:
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورا[الفرقان/62]
وينبغي للمؤمن أن يأخذ العبرة من مرور الليالي و
الأيام
، فإن الليل
والنهار يبليان كل جديد ، ويقرِّبان كل بعيد ، ويطويان الأعمار ،
ويشيِّبان الصغار ، ويفنيان الكبار ، وكل يوم يمر بالإنسان فإنه يبعده
من الدنيا ويقرِّبه من الآخرة .
فالسعيد - والله - من حاسب نفسه ، وتفكر في انقضاء عمره ،
واستفاد من وقته فيما ينفعه في دينه ودنياه ، ومن غفل عن نفسه
تصرَّمت أوقاته ، وعَظُمَ فواته ، واشتدت حسراته ، نعوذ بالله من
التفريط والتسويف .
ونحن في هذه
الأيام
نودِّع عاماً ماضياً شهيداً ، ونستقبل عاماً مقبلاً
جديداً ، فعلينا أن نحاسب أنفسنا ، فمن كان مفرطاً في شيء من
الواجبات فعليه أن يتوب ويتدارك ما فات ، وإن كان ظالماً لنفسه
بارتكاب ما نهى الله ورسوله عنه ، فعليه أن يقلع قبل حلول الأجل ،
ومَنْ منَّ الله عليه بالاستقامة فليحمد الله على ذلك وليسأله الثبات إلى الممات .
وليست هذه المحاسبة مقصورة على هذه
الأيام
، بل هي مطلوبة كل
وقت وأوان فمن لازَمَ محاسبة النفس استقامت أحواله ، وصلحت
أعماله ، ومن غفل عن ذلك ساءت أحواله ، وفسدت أعماله .
ومما يؤسف عليه أن كثيراً من الناس إذا بدأ العام يَعِدُ نفسه بالجد
والعزيمة الصادقة لإصلاح حاله ، ثم يمضي عليه اليوم بعد
الأيام
والشهر بعد الشهور ، وينقضي العام وحاله لم يتغير ، فلم يزدد من
الخيرات ولم يتب من السيئات ، وهذه علامة الخيبة والخسران .
اللهم اجعل خير أعمالنا خواتمها ، وخير أعمارنا آخرها ، وخير
أيامنا يوم لقائك ، اللهم أعزَّ المسلمين بطاعتك ، ولا تذلهم بمعصيتك
، اللهم اجعل عامنا هذا وما بعده عام أمن وعزٍّ ونصر للإسلام
والمسلمين ، وأسبغ علينا نعمك ، وارزقنا شكرها ، وصلّى الله وسلم
على نبينا محمد …
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى