اهلا وسهلا بكم بمنتديات همسات اسلامية
هذه ولله الحمد والمنّة صفحات أرجو بها الفائدة لي وللمسلمين في أنحاء العالم وقد وفقني الله تعالى لجمع ما تيسر لي من معلومات تفيدنا في فهم ديننا الحنيف والمساعدة على الثبات على هذا الدين الذي ارتضاه لنا سبحانه ووفقنا وهدانا لأن نكون مسلمين .
وفقنا الله جميعاً لخدمة هذا الدين كل منّا بقدر إمكانياته فكلّنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته. بارك الله بالجميع وأتمنى لكم تصفّحاً مفيداً نافعاً إن شاء الله تعالى وشكراً لكم على زيارة هذا الموقع المتواضع. وما توفيقي إلا بالله العزيز الحميد فما أصبت فيه فمن الله عزّ وجل وما أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان فأسأل الله أن يغفر لي ولكم وأن يعيننا على فعل الخيرات وصالح الأعمال وأن يحسن عاقبتنا في الأمور كلّها اللهم آميـــن.
يسعدنا التسجيل في منتدانا
تحياتى لكم ...........
همسات اسلامية

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

اهلا وسهلا بكم بمنتديات همسات اسلامية
هذه ولله الحمد والمنّة صفحات أرجو بها الفائدة لي وللمسلمين في أنحاء العالم وقد وفقني الله تعالى لجمع ما تيسر لي من معلومات تفيدنا في فهم ديننا الحنيف والمساعدة على الثبات على هذا الدين الذي ارتضاه لنا سبحانه ووفقنا وهدانا لأن نكون مسلمين .
وفقنا الله جميعاً لخدمة هذا الدين كل منّا بقدر إمكانياته فكلّنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته. بارك الله بالجميع وأتمنى لكم تصفّحاً مفيداً نافعاً إن شاء الله تعالى وشكراً لكم على زيارة هذا الموقع المتواضع. وما توفيقي إلا بالله العزيز الحميد فما أصبت فيه فمن الله عزّ وجل وما أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان فأسأل الله أن يغفر لي ولكم وأن يعيننا على فعل الخيرات وصالح الأعمال وأن يحسن عاقبتنا في الأمور كلّها اللهم آميـــن.
يسعدنا التسجيل في منتدانا
تحياتى لكم ...........
همسات اسلامية
اهلا وسهلا بكم بمنتديات همسات اسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نصيحة توجيهية بين يدي الحاج و المعتمر ..للشيخ محمد علي فركوس.

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

 نصيحة توجيهية بين يدي الحاج و المعتمر ..للشيخ محمد علي فركوس.  Empty نصيحة توجيهية بين يدي الحاج و المعتمر ..للشيخ محمد علي فركوس.

مُساهمة من طرف الرضوان الإثنين 17 أكتوبر - 17:08

[center][center]نصيحة توجيهية بين يدي الحاج والمعتمر

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
إذا توفَّرت الاستطاعة في الحجِّ والعمرة، وعَزَم الحاجُّ أو المعتمِرُ على أداء هذه العبادة الجليلة فإنَّه يحسُن في هذا المقام أن يُقَدَّم بين يديه نصائح توجيهية تسبق رحلته العظيمة إلى بلد الله الحرام، استجابةً لأمره تعالى: ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ [آل عمران: 97]، وقولِه تعالى: ﴿وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ ﴾ [البقرة: 196]، وتلبية للنداء الواجب في قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «يَا أَيُهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ الحَجَ فَحُجُّوا»(١- أخرجه مسلم كتاب «الحج»، باب فرض الحجّ مرة واحدة في العمر (1/607)، وأحمد في «المسند» (2/502)، والبيهقي في «السنن الكبرى» باب وجوب الحجّ مرَّة واحدة (4/325)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-).
وقد ارتأيت أن أُقَسِّم نصائحي إلى توجيهين مُرتَّبين بحَسَب الأولوية إلى:
• ما يتعلَّق بنفس الحاجِّ أو المعتمر قبل الشروع في أعمالهما.
• وأخرى تتعلَّق به قبل سفره وفي أثنائه وعند قُفوله منه، ليسهل تحصيلها والانتفاع بها.
وهي تظهر على الشكل التالي:

توجيهات قبل الشروع في أعمال الحج
وتتمثَّل هذه التوجيهات في النقاط التالية:
• أولا: تجريد النَّفس وتصفيتها من الشرك والحذر منه وتجنُّب أسبابه، إذ المعلوم أنه قد سرى في العديد من الطغام والعوام الغلوّ في الصالحين حتى أضفوا عليهم خصائص الرُّبوبية، وأنزلوهم فوق منزلتهم التي أنزلهم الله إلى ما لا يجوز أن يكون إلاَّ لله: مِن طلبِ المددِ منهم عند حصولِ المكارهِ، والاستغاثةِ بهم في الشدائدِ، والتبرُّكِ بتربتهم والطوافِ بقبورهم، وذبحِ القرابين لأضرحتهم، ودعائِهم والتوسُّلِ بهم وسؤالهم الشفاعة من دون الله، حتى أضحت قبورُ الصالحين أوثانًا تُعَلَّق عليها القناديلُ والسُّرَج، وتُسدَلُ عليْها الستور، واتخذت أعيادًا ومناسك -والله المستعان-.
ولا يخفى أنَّ الشرك أكبرُ الكبائرِ وأعظمُ الظلمِ، وهو مبطلٌ للأعمال ومفسدٌ للعبادات لقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الزمر: 65]، لذلك ينبغي الاجتهاد في تصفية النَّفس بالتخلُّص من أدران الشرك وتطهير المعتقد منه، والوقاية من الوقوع فيه، ووجوب الحذر منه، وسدّ كلِّ طريق يؤدي إليه، لا سيما لمن عزم على الحجِّ أو العمرة فإنه إن لم يطهِّر نفسَه من الشركيات المقترنة بمعتقده وأعماله، فيُخشى عليه -فضلاً عن ارتكابه لأعظم الذنوب- أن يضيِّع جهدَه ومالَه سُدًى بلا أجرٍ ولا ثوابٍ، لقوله تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً﴾ [الفرقان: 23].
• ثانيا: المبادرة بالتوبة النصوح، والإقلاع عن الذنوب والمعاصي، وعدم العودة إليها أبدًا، والاستكثار من الحسنات، فباب التوبة مفتوح(٢- تنبيه: باب التوبة منقطع في ثلاثة أحوال: • الحالة الأولى: عند نزول العذاب لقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ ﴾ [غافر : 84-85]. • والحالة الثانية: إذا بلغت الروح الحلقوم لقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدَ مَا لَمَ يُغَرْغِرْ». [أخرجه الترمذي في «الدعوات» ( 5/547)، رقم: (3537)، باب في فضل التوبة والاستغفار وما ذكر من رحمة الله بعباده من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وأخرجه ابن ماجه في «الزهد» (2/1420)، رقم: (4253)، باب ذكر العقوبة من حديث عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما، والحديث حسَّنه الألباني في «صحيح سنن الترمذي» (3/453- 454)، وفي «صحيح سنن ابن ماجه» (3/383)] . • والحالة الثالثة: إذا طلعت الشَّمس من مغربها لقوله تعالى: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً﴾ [الأنعام:158]، ولقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لاَ تَنْقَطِعُ الهِجْرَةُ حَتَى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَى تَطلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا». [أخرجه أبو داود في «الجهاد» (3/7)، رقم: (2479)، باب في الهجرة هل انقطعت؟ من حديث معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنهما، والحديث صحَّحه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (2/90)]. )، لقوله تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53]، ولقوله تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور:31]، فعلَّق الفلاحَ بالتوبة تعليقَ المسبب بسببه، ثمَّ أتى بأداة «لعلَّ» المشعرة بالترجي، فكان المعنى: أنَّه لا يرجو الفلاحَ إلاَّ التائبون.
والتوبة التي تعالج الذنب وتمحو أثره هي التوبة النصوح، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [التحريم: 8]، والحسنات تكَفِّر كثيرًا من السيِّئات، لقوله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ [هود: 114]، ولقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً﴾ [الفرقان: 68-69-70]، ويؤكِّده قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى﴾ [طه: 75-76].
وقطعُ الصلة بالماضي الآثم وهجرُ أماكن المعصية وتركُ قرناء السوء من تقوى الله التي هي أساس القَبول، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة: 27]، لذلك لا ينال الحاجُّ أو المعتمرُ نصيبَه من المثوبة والأجر عند الله تعالى إلاّ بالامتثال للطاعة والإقلاع عن المعصية، قال تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة : 197]، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يقول: «مَنْ حَجَّ لله فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ َولَدَتْهُ أُمُّهُ»(٣- أخرجه البخاري في كتاب «الحج»، باب فضل الحج المبرور (1/368)، ومسلم كتاب «الحج»، باب فضل الحج والعمرة ويوم عرفة (1/613). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).
تنبيه: ومن أخطر المعاصي التي يجب أن يُبادر بالتوبة منها: البدعةُ في الدِّين فهي ضلالةٌ وبريدٌ إلى الشرك لقوله صلى الله عليه وآله وسلّم: «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ»(٤- أخرجه أبو داود كتاب «السنة»، باب في لزوم السنة (4607)، والترمذي كتاب «العلم»، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع (2676)، وابن ماجه باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين (42)، وأحمد في «مسنده» (4/126)، من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه. والحديث صحَّحه ابن الملقن في «البدر المنير» (9/582)، وابن حجر في «موافقة الخبر الخبر» (1/136)، والألباني في «السلسلة الصحيحة» (2735)، وشعيب الأرناؤوط في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد» (4/126)، وحسَّنه الوادعي في «الصحيح المسند» (938))، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلّم: «مَنْ أَحْدَثَ ِفي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌ»(٥- أخرجه البخاري كتاب «الصلح»، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود (٥/٣٠١)، ومسلم كتاب «الأقضية» (١٢/١٦) من حديث عائشة رضي الله عنها)، وفي رواية: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(٦- أخرجه مسلم كتاب «الأقضية» (12/16) من حديث عائشة رضي الله عنها)، قال البربهاري رحمه الله: «واحذر من صغار المحدثات، فإنَّ صغار البدع تعود حتى تصير كبارًا، وكذلك كلّ بدعة أحدثت في هذه الأُمَّة كان أَوَّلها صغيرًا يشبه الحقَّ، فاغترَّ بذلك من دخل فيها، ثمَّ لم يستطع المخرج منها، فعَظُمت وصارت دِينًا يُدان به» (٧- «شرح السنة» للبربهاري (23)).
والبدعةُ درجاتٌ متفاوتة، وأسبابها ترجع إلى: الجهل بالدين، واتباع الهوى، والتعصُّب للآراء والأشخاص، والتشبُّه بالكفار وتقليدهم. ووجه كون البدعة أخطر من المعصية أنَّ صاحب المعصية يعلم بتحريم اعتدائه على حدود الله وحرماته، ويُرجى له الرجوع والقربة والاستغفار، ومنزلته أخفُّ وأهون من صاحب البدعة الذي يتعدَّى حدودَ الله بالتشريع والافتراء على الله سبحانه، ويحسب أنه من المهتدين، فيُخشى عليه البقاء على بدعته والاستمرار على الباطل والضلال ظنًّا منه أنه على حقٍّ وصواب، قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾ [الكهف: 103-104]. ومن الفوارق -أيضًا- أنَّ صاحب البدعة محتجز التوبة حتى يتركَها، لقوله صلى الله عليه وآله وسلّم: «إِنَّ اللهَ احْتَجَزَ التَّوْبَةَ عَنْ كُلِّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ حَتَى يَدَعَ بِدْعَتَهُ» (٨- أخرجه الطبراني في «الأوسط» رقم: (4360)، والمنذري في «الترغيب والترهيب» وحسَّنه (1/86)، وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (4/154)).
• ثالثا: إخلاص النية لله تعالى في العبادة المتقرب بها، لقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الزمر: 11-12]، لذلك لا يجوز أن يقصد بحَجِّه أو عُمرته رياءً أو سمعةً أو مفاخرةً أو مباهاةً أو أن يطمع غرضًا دنيويًّا، فهذه كلُّها من الشرك الأصغر المنافي لكمال التوحيد المُحبط للعمل، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: 33]، وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾ [الكهف: 110]، وقد توعَّد اللهُ المرائين بالويل في قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ [الماعون: 4-7]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «قَالَ تَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ مَعِي فِيهِ غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» (٩- أخرجه مسلم كتاب «الزهد والرقائق»، باب من أشرك في عمله غير الله (2/1361)، رقم: (2985)، وابن ماجه كتاب «الزهد»، باب الرياء والسمعة، رقم: (4202))، وفي الحديث: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللهُ بِهِ» (١٠- أخرجه البخاري كتاب «الرقاق» ، باب الرياء والسمعة (3/328)، ومسلم كتاب «الزهد والرقائق»، باب من أشرك في عمله غير الله (2/1361)، رقم: (2987)، من حديث جندب العلقي رضي الله عنه).
وضمن هذا المعنى يقول ابن رجب رحمه الله: «اعلم أنَّ العمل لغير الله أقسام:
فتارة يكون رياءً محضًا بحيث لا يُراد به سوى مرئيات المخلوقين لغرض دنيوي كحال المنافقين في صلاتهم، قال الله عز وجل: ﴿وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ﴾ [النساء: 142]، وقال تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ﴾ [الماعون: 4]، وكذلك وصف الله تعالى الكفارَ بالرياء المحض في قوله: ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَاء النَّاسِ﴾ [الأنفال: 47]، وهذا الرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمن في فرض الصلاة والصيام، وقد يصدر في الصدقة الواجبة والحج وغيِرهما من الأعمال الظاهرة والتي يتعدى نفعُها، فإنَّ الإخلاص فيها عزيزٌ، وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابطٌ وأن صاحبَه يستحق المقتَ من الله والعقوبةَ.
وتارة يكون العمل لله ويشاركه الرياء، فإن شاركه من أصله فالنصوص الصحيحة تدلُّ على بطلانه أيضًا وحبوطه، ... وأمَّا إن كان أصل العمل لله ثمَّ طرأت عليه نية الرياء فلا يضرُّه، فإن كان خاطرًا ودفعه فلا يضرُّه بغير خلاف، فإن استرسل معه فهل يحبط عمله أم لا يضرُّه ذلك ويجازى على أصل نيته ؟ في ذلك اختلاف بين العلماء من السلف قد حكاه الإمام أحمد وابن جرير الطبري، وأرجو أن عمله لا يبطل بذلك وأنه يجازى بنيته وهو مروي عن الحسن البصري وغيره»(١١- «جامع العلوم والحكم» لابن رجب (13ـ 16) بتصرف)
لذلك وجب أن تكون كلُّ الأعمال التي يبتغى بها وجه الله مصروفة لله تعالى على وجه الإخلاص، فالإخلاص شرطٌ لصِحَّة العمل وقَبولِه بلا خلاف(١٢- انظر: «الدين الخالص» لصديق حسن خان (2/385))، قال الحطاب المالكي رحمه الله: «فالمخلص في عبادته هو الذي يخلِّصها من شوائب الشرك والرياء، وذلك لا يتأتى له إلاَّ بأن يكون الباعث له على عملها قصد التقرُّب إلى الله تعالى وابتغاء ما عنده، فأمَّا إذا كان الباعث عليها غيرُ ذلك من أغراض الدنيا فلا يكون عبادة، بل مصيبة موبقة لصاحبها»(١٣- «مواهب الجليل» للحطاب (3/503)). ويؤكِّد هذا المعنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى لا يَقْبَلُ مِنَ العَمَلِ إِلاَّ مَا كَانَ خَالِصًا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ» (١٤- أخرجه النسائي في «الجهاد» (6/25) باب من غزا يلتمس الأجر والذكر من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، والحديث حسَّنه الألباني، انظر: «السلسلة الصحيحة» (1/118)، رقم: (52).)، والأمور بمقاصدها وقد جاء في الحديث: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِ امْرِئٍ مَا نَوَى» (١٥- أخرجه البخاري كتاب «بدء الوحي» باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (1/9)، ومسلم كتاب «الإمارة» (2/920)، رقم: (1907)، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه).
تنبيه: يَحْسُنُ بمن شرَّفَه الله بزيارة المدينة النبوية(١٦- وممَّا يجدر التنبيه له ولفت النظر إليه أنَّ زيارة مسجد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ليس هو الحجّ ولا جزء من الحج كما يعتقده معظم العوام عندنا، وإنما هو عمل مستقلٌّ بذاته مرغَّب فيه ولا علاقة له بالحجِّ ولا ارتباط له بمناسكه، فلتنتبه !!) أن يتقصَّد في سفره زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإن ذلك هو المشروع بنصِّ قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وآله وسلم وَمَسْجِدِ الأَقْصَى»(١٧- أخرجه البخاري، كتاب «الصلاة»، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة (1/284)، ومسلم كتاب «الحج»، باب لا تشدُّ الرحال إلاَّ إلى ثلاثة مساجد (1/628) رقم: (1397)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)، أمَّا شدُّ الرِّحال تقصدًا لزيارة قبر النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم يصحَّ فيه حديث مع اتفاق العلماء على مشروعية زيارة القبور عامة لتذكر الموت والآخرة من غير سفر من أجلها أو شد الرِّحال لها.
والأولى أن يجعل الزائر قصده لزيارة مسجد النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم والصلاة فيه لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ»(١٨- أخرجه البخاري، كتاب «الصلاة»، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة (1/284)، ومسلم، كتاب «الحج»، باب فضل الصلاة بمسجدَيْ مَكَّة والمدينة (1/626)، رقم: (1394)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)، وله بعد ذلك أن يزور قبرَ النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم ويُسَلِّم عليه ثم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ثمَّ ينصرف، كما له أن يزور مقبرة البقيع إذ كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يزور أهلَها ويسلم عليهم، فهذا هو الموافق للسُّنَّة والآثار.

توجيهات متعلِّقة بالحاجِّ والمعتمر في سفره
وتتعلَّق هذه التوجيهات بمجموعة آدابٍ شرعية يلتزمها الحاجُّ أو المعتمر قبل سفره وأثناءه وعند قُفوله راجعًا إلى بلده، وهي على الترتيب التالي:
• أولا: أن يتعلَّمَ الحاجُّ أو المعتمِر أحكامَ المناسك ويعرف أعمالَ الحج والعمرة، وما يجب عليه فعله ويُستحَبُّ ممَّا يجب عليه تجنُّبه ويُستحبُّ له تركه، وعليه أن يدقِّقَ في سؤال أهل العلم لقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنبياء:7]، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَلاَ سَأَلُوا إذْ لَـمْ يَعْلَمُوا، إنَّمَا شِفَاءُ العِيِّ السُّؤَالُ»(١٩- أخرجه أبو داود كتاب «الطهارة» باب في المجروح يتيمم (336)، والدارقطني في «سننه» (744)، والبيهقي (1115)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، والحديث حسَّنه الألباني في «تمام المنة» (ص 131)، وفي «صحيح سنن أبي داود» (336))، وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرمي على راحلته يوم النحر ويقول: «لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ»(٢٠- أخرجه مسلم كتاب «الحج» (1/589)، رقم: (1297)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب في رمي الجمار (2/340)، والنسائي في «مناسك الحج»، باب الركوب إلى الجمار واستظلال المحرم (3062)، وأحمد (3/378)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (5/125)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما). كما يجب عليه أن يعرف بِدَعَ الحجِّ والعمرة والزيارة ليتجنَّبَها ويحذرَ منها، وسواء تعلَّقت البدع بالإحرام والتلبية، أو بالطواف والسعي، أو بعرفة ومزدلفة، وكذا بدع الرمي والذبح والحلق وغيرها، قال ابن مسعود رضي الله عنه: «اتَّبِعُوا وَلاَ تَبْتَدِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمْ، عَلَيْكُمْ بِالأَمْرِ العَتِيقِ»(٢١- أخرجه الدارمي في «سننه» (1/80)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (2/407)، والطبراني في «المعجم الكبير» (9/154)، قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/186): «رجاله رجال الصحيح»، وصحَّحه الألباني، انظر: «السلسلة الضعيفة» (2/19))، كلُّ ذلك ليقع عمله خالصًا من شوائب الشِّرك موافقًا للسُّنَّة الصحيحة غير مخالف لها.
• ثانيا: أن يجتهد في الخروج من مظالم الخلق بالتحلُّل منها أو ردِّها إلى أصحابها أو باسترضاء كلِّ من قصَّر في حقوقهم؛ لأنَّ السفر مظِنَّةُ الهلاك، فيجتهد في قضاء ما أمكنه من ديونه؛ لأنَّ حقَّ العبد لا يسقط إلاَّ برد حقِّه أو عفوه عنه، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْ مِنْهُ اليَوْمَ قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ»(٢٢- أخرجه البخاري، كتاب «المظالم والغصب»، باب من كانت له مظلمة عند الرجل فحلَّلها له هل يبيِّن مظلمته (1/588) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَتَدْرُونَ مَنِ المُفْلِسُ ؟» قالوا: المفلس فينا من لا درهمَ له ولا متاع، فقال: «إِنَّ المُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاِتهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فُطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ»(٢٣- أخرجه مسلم، كتاب «البر والصلة والآداب»، باب تحريم الظلم (2/1199)، رقم (2581)، وأحمد في «المسند» (2/303)، والترمذي، كتاب «صفة القيامة والرقاق»، باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص، رقم: (2418)).
• ثالثًا: أن يكتب وصيةً يذكر فيها ما له وما عليه، ويستعجل بها، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ وَلَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِي فِيهِ إِلاَّ وَوَصِيَتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ»(٢٤- أخرجه مسلم كتـاب «الوصية» (2/766)، رقم: (1627)، وأحمد في «المسند» (2/50)، والترمذي كتاب «الوصايا»، باب ما جاء في الحثِّ على الوصية (2118)، وابن ماجة كتاب «الوصايا»، باب ما جاء في الحث على الوصية (2699)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.)، وإن كان له مالٌ كثيرٌ فعليه أن يوصي بنصيب منه لأقربائه الذين لا يرثون أو لعموم الفقراء والمساكين؛ لأنَّ السفر قِطعةٌ من العذاب، ومَظِنَّة الموت والهلاك. ويدلُّ على الوصية قوله تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 180]، غير أنَّ الوصية مشروطة بعدم الزيادة على ثُلُث ماله، والأفضل أن يكون دونه، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم لسعد بن أبي الوقاص رضي الله عنه: «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ يَا سَعْدُ ! أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ»(٢٥- أخرجه البخاري في «الفرائض» (6733)، ومسلم في «الوصايا» (4296) من حديث سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه)، قال ابن عباس رضي الله عنهما: «لو أنَّ الناس غضُّوا من الثلث إلى الربع، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كَثِيرٌ»»(٢٦- أخرجه البخاري كتاب «الوصايا»، باب الوصية بالثلث (2/23)، ومسلم كتاب «الوصية»، باب الوصية بالثلث (2/767)، رقم: (1628). من حديث ابن عباس رضي الله عنهما).
• رابعا: أن يترك لأهله وأولاده ومن تجب النفقة عليه لوازمَ العيش وضرورياتِ المؤن طيلةَ مُدَّة غيابه في سفره، مع حثِّهم على التمسُّك بالدِّيـن وأخلاقه وآدابه، والمحافظة على الصلاة؛ لأنه الراعي المسئول عن أهله وأولاده، والمكلَّفُ بالحفظ والصيانة المالية والدينية والخلقية وغيرها، لقوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 233]، وقوله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ [النساء:34]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَتِهِ» (٢٧- أخرجه البخاري كتاب «الأحكام» (7138)، ومسلم كتاب «الإمارة» (1829). من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما).
• خامسا: أن يُعِدَّ زادَه من الحلال الطيِّب، ويحرصَ على تخليصه من شوائب الحرام ومشتبهاته، مبعدًا كلَّ أنواع أكل أموال الناس بالباطل ليكون أقرب إلى الاستجابة وأدعى للقَبول، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ فَقَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون:51]، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 57]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَقُولُ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ؟» (٢٨- أخرجه مسلم، كتاب «الزكاة»، باب قَبول الصدقة من الكسب الطيب وترتيبها (1/450)، رقم: (1015)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).
• سادسا: أن يتزوَّد لسفره بالتقوى والعمل الصالح، والالتزام بالآداب الشرعية، وأخذ ما يكفيه لحوائجه وما يغنيه عن أذى الناس بسؤالهم، فإنَّ ترك السؤال من التقوى، لقوله تعالى: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾[البقرة: 197]، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان أهل اليمن يحجُّون ولا يتزوَّدون، ويقولون نحن المتوكِّلون، فإذا قدموا مكةَ سألوا الناس فأنزل الله قوله تعالى: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾[البقرة: 197]»(٢٩- أخرجه البخاري، كتاب «الحج»، باب قول الله تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ (1/369)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما).
• سابعا: أن يحرص على تحصيل الرفقة الصالحة الدالَّةِ على الخير والمرغِّبة فيه والمُعينة عليه، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِنًا وَلاَ يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌ»(٣٠- أخرجه أبو داود، كتاب «الأدب»، باب من يؤمر أن يجالس (4832)، والترمذي، كتاب «الزهد»، باب ما جاء في صحبة المؤمن (2395)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، والحديث صحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (7341))، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسُّوءِ، كَحَامِلِ المِسْكِ وَنَافِخِ الكِيرِ، فَحَامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً»(٣١- أخرجه البخاري كتاب «البيوع»، باب في العطار وبيع المسك (1/502)، ومسلم كتاب «البر والصلة والأدب»، باب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السوء (2/1215)، رقم: (2628)، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه).
• ثامنا: أن تكون رفقته الصالحة لا تقل عن ثلاثة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ، وَالرَّاكِبَانِ شَيْـطَانَانِ، وَالثَّلاَثَةُ رَكْبٌ» (٣٢- أخرجه أحمد في «المسند» (11/185)، وأبو داود كتاب «الجهاد»، باب في الرجل يسافر وحده (2607)، والترمذي، كتاب «الجهاد»، باب ما جاء في كراهية أن يسافر الرجل وحده (1674)، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. والحديث صحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1/131)، رقم: (64))، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ أَنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ مِنَ الوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ» (٣٣- أخرجه الترمذي، كتاب «الجهاد»، باب ما جاء في كراهية أن يسافر الرجل وحده (1673)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. والحديث صحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1/130)، رقم: (61)).
• تاسعا: إذا كان الحاجُّ أو المعتمر امرأة فلا تسافر إلاَّ مع زوجٍ أو ذي مَحرَم، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ تُسَافِرِ المَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلاَ يَدْخُلْ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلاَّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ»، فقال رجلٌ يا رسول الله، إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا، وامرأتي تريد الحجَّ، فقال: «اخْرُجْ مَعَهَا»(٣٤- أخرجه البخاري، كتاب «الحج»، باب حجّ النساء (446)، ومسلم كتاب «الحج»، باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره (1/607) رقم: (1338)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما).
هذا، ومن جملة الأذكار والأدعية التي يلتزمها الحاجُّ أو المعتمِر في سفره من مغادرته لبلده إلى قُفوله راجعًا إليه:
• أنه يودِّع أهلَه وأصحابه وإخوانه، فيقول المقيم: أستودع اللهَ دينَك وأمانتَكَ وخواتيمَ عملِكَ، زَوَّدك اللهُ التقوى، وغفر ذنبك، ويسَّر لك الخير حيثما كنت، فيجيب الحاجُّ أو المعتمِر المسافر: أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه. وقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول للرجل إذا أراد سفرًا: ادن مِنِّي أُوَدِّعك كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يودِّعنا فيقول: «أَسْتَوْدِعُ اللهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ»(٣٥- أخرجه أحمد في «المسند» (6/242)، وأبو داود كتاب «الجهاد»، باب في الدعاء عند الوداع (2600)، والترمذي كتاب «الدعوات»، باب ما يقول إذا ودَّع إنسانًا (3443)، والحديث صحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1/48)، و«صحيح الجامع» (4795))، وفي حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه أنه قال جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أُرِيدُ سَفَرًا، زَوِّدْنِي»، فقال: «زَوَّدَكَ اللهُ التَّقْوَى»، قال: «زِدْنِي»، قال: «وَغَفَرَ ذَنْبَكَ»، قال: زدني قال: «وَيَسَّرَ لَكَ الخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ»(٣٦- أخرجه الترمذي كتاب «الدعوات» (3444)، من حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه، والحديث صحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (3579))، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ فَلْيَقُلْ لِمَنْ يُخَلِّفُ: أَسْتَوْدِعُكُمُ اللهَ الَّذِي لاَ تَضِيعُ وَدَائِعُهُ»(٣٧- أخرجه ابن ماجه كتاب «الجهاد»، باب تشييع الغزاة ووداعهم (2825)، والحديث صحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1/51)، وانظر: «صحيح الكلم الطيب» (167)).
• فإذا وضع رجله في الركاب قال: باسم الله، فإذا استوى على ظهرها قال: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، الحَمْدُ للهِ ثَلاَثًا، اللهُ أَكْبَرُ ثَلاَثًا، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ»(٣٨- أخرجه أبو داود، كتاب «الجهاد»، باب ما يقول الرجل إذا ركب (2602)، من حديث علي ابن أبي طالب رضي الله عنه، والحديث صحَّحه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (2/493)). وهو ثابت من حديث علي رضي الله عنه، وله أن يضيف ما ثبت من حديث ابن عمر مرفوعًا: «اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا البِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ العَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ المَنْظَرِ وَسُوءِ المُنْقَلَبِ فِي المَالِ وَالأَهْلِ وَالوَلَدِ»(٣٩- أخرجه مسلم كتاب «الحج»، باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره (1/611)، رقم: (1342)).
• وإذا علا ثنية كبَّر، وإذا هبط سَبَّح، وإذا أشرف على وادٍ هَلَّل وكَبَّر، وإذا نزل منزلاً قال: أعوذُ بكلمات الله التامَّاتِ من شرِّ ما خلق، لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «كُنَّا إِذَا صَعَدْنَا كَبَّرْنَا وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا»(٤٠- أخرجه البخاري كتاب «الجهاد والسير»، باب التكبير إذا علا شرفًا (2/85))، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله إني أريد أن أسافر فأوصني، قال: «عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ»(٤١- أخرجه الترمذي كتاب «الدعوات» (3445)، وابن ماجه كتاب «الجهاد»، باب فضل الحرس والتكبير في سبيل الله (2771)، والحديث صحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (4/308)، و«صحيح الجامع» (2545))، وفي حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كنُّا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكنَّا إذا أشرفنا على وادٍ هلَّلنا وكبَّرنا وارتفعت أصواتنا، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، إِنَّهُ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ»(٤٢- أخرجه البخاري كتاب «الجهاد والسير»، باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير (2/85)، ومسلم كتاب «الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار»، باب استحباب خفض الصوت بالذكر (2/1243)، رقم: (2704))، وفي حديث خولة بنت حكيم رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ فَإِنَّهُ لَـمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ»(٤٣- أخرجه مسلم، كتاب «الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار»، باب في التعوُّذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره (2/1246)، رقم: (2707)، والترمذي كتاب «الدعوات»، باب ما يقول إذا نزل منزلاً (3437)).
وله أن يدعو الله تعالى في سفره، ويسأله من خير الدنيا والآخرة؛ لأن الدعاء في السفر مستجاب لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لاَ شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ المَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلَى وَلَدِه»(٤٤- أخرجه أحمد في «المسند» (13/252)، وأبو داود كتاب «الصلاة»، باب الدعاء بظهر الغيب (1536)، والترمذي كتاب «الدعوات»، باب ما ذكر من دعوة المسافر (3448)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، والحديث صحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (2/145) رقم: (596)، و«صحيح الجامع» (3033)).
• أن يحرص على مراعاة الآداب والأذكار والأدعية الواردة في أعمال العمرة والحج، فإن فرغ من عمرته أو حَجِّه وأدَّى زيارته وقضى حاجته فعليه أن يعجِّل الرجوع إلى أهله وبلده لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ(٤٥- «النهمة»: بلوغ الهمة في الشيء. [«النهاية» لابن الأثير (5/290)]) فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ»(٤٦- أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب السفر قطعة من العذاب (1/432)، ومسلم كتاب «الإمارة»، باب السفر قطعة من العذاب (2/927)، رقم: (1927)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)، قال ابن حجر رحمه الله: «وفي الحديث كراهة المتغرب على الأهل لغير حاجة، واستحباب استعجال الرجوع، ولا سيما من يخشى عليهم الضيعة بالغيبة، ولما في الإقامة في الأهل من الراحة المعينة على صلاح الدين والدنيا، ولما في الإقامة من تحصيل الجماعات والقوة على العبادة» (٤٧- «فتح الباري» لابن حجر (3/623)).
وإذا قفل راجعًا من سفره يُكبِّر على كلِّ شرفٍ من الأرض ثلاثًا، ثمَّ يقول: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَه»، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا قفل من الحجِّ والعمرة كلما أَوْفَى عَلَى ثَنِيَّةٍ أَوْ فَدْفَدٍ كَبَّرَ ثَلاَثًا ثُمَّ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ...»(٤٨- أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب ما يقول إذا رجع من الحجِّ أو العمرة أو الغزو (1/430)، ومسلم كتاب «الحج»، باب ما يقول إذا قفل من سفر الحج وغيره (1/611)، رقم: (1344))، الحديث، وإذا أشرف على بلده قال: «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ»، ولا يزال يقولها حتَّى يدخلها، لحديث أنس رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم لَـمَّا أشرف على المدينة قال: آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ. فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُهَا حَتَّى دَخَلَ المَدِينَةَ»(٤٩- أخرجه البخاري كتاب «الجهاد والسير»، باب ما يقول إذا رجع من الغزو (2/108)، ومسلم كتاب «الحج»، باب ما يقول إذا قفل من سفر الحج وغيره (1/612)، رقم: (1345)).
• عاشرا: أن يتَّصل بأهله بوسائل الاتصال حتى لا يفاجئهم بمقدمه عليهم، لحديث جابر رضي الله عنه قـال: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يَكْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ طُرُوقًا»(٥٠- أخرجه البخاري كتاب «النكاح»، باب لا يطرق أهله ليلاً (3/46)، ومسلم كتاب «الإمارة»، باب كراهة الطروق (2/927))، وفي حديث له رضي الله عنه مرفوعًا: «إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمْ الغَيْبَةَ فَلاَ يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلاً» (٥١- أخرجه البخاري كتاب «النكاح»، باب لا يطرق أهله ليلاً (3/46))، فالمراد بالطروق هو المجيء من سفرٍ أو من غيره على غفلة، إذ قد يجد أهله على غير أهبة من التنظُّف والتزيُّن المطلوبين من المرأة فيكون ذلك سبب النفرة بينهما(٥٢- انظر: «فتح الباري» لابن حجر (9/340)).
فهذا ما أمكن جمعه في هذه النصيحة التوجيهية، أملاً أن يسلك بها الحاجُّ والمعتمِرُ سبيلَ المتقين، ويسيرَ على درب الصالحين من التخلُّص من الذنوب والمعاصي بالتوبة والاستغفار وردِّ المظالم، والتزوُّد بالتقوى والعمل الصالح، ومجاهدة النفس عن السوء والهوى بالتزام أحكام الشرع والتحلِّي بأخلاقه وآدابه ومحاسبتها، خوفًا من مقام ربه عز وجل، قال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: 40-41].
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.

الجزائر في:20 رمضان 1430ﻫ
الموافق ﻟ: 10 سبتمبر 2009م
[/center]
[/center]

الرضوان
عضـو ذهبـي
عضـو ذهبـي

عدد المساهمات : 112
نقاط : 5230
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 08/06/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 نصيحة توجيهية بين يدي الحاج و المعتمر ..للشيخ محمد علي فركوس.  Empty رد: نصيحة توجيهية بين يدي الحاج و المعتمر ..للشيخ محمد علي فركوس.

مُساهمة من طرف فتى الاسلام الإثنين 17 أكتوبر - 17:48

 نصيحة توجيهية بين يدي الحاج و المعتمر ..للشيخ محمد علي فركوس.  %D9%85%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%83%D8%A9%20%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%B9%D8%A9

فتى الاسلام
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

عدد المساهمات : 549
نقاط : 5781
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/04/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى