اهلا وسهلا بكم بمنتديات همسات اسلامية
هذه ولله الحمد والمنّة صفحات أرجو بها الفائدة لي وللمسلمين في أنحاء العالم وقد وفقني الله تعالى لجمع ما تيسر لي من معلومات تفيدنا في فهم ديننا الحنيف والمساعدة على الثبات على هذا الدين الذي ارتضاه لنا سبحانه ووفقنا وهدانا لأن نكون مسلمين .
وفقنا الله جميعاً لخدمة هذا الدين كل منّا بقدر إمكانياته فكلّنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته. بارك الله بالجميع وأتمنى لكم تصفّحاً مفيداً نافعاً إن شاء الله تعالى وشكراً لكم على زيارة هذا الموقع المتواضع. وما توفيقي إلا بالله العزيز الحميد فما أصبت فيه فمن الله عزّ وجل وما أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان فأسأل الله أن يغفر لي ولكم وأن يعيننا على فعل الخيرات وصالح الأعمال وأن يحسن عاقبتنا في الأمور كلّها اللهم آميـــن.
يسعدنا التسجيل في منتدانا
تحياتى لكم ...........
همسات اسلامية

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

اهلا وسهلا بكم بمنتديات همسات اسلامية
هذه ولله الحمد والمنّة صفحات أرجو بها الفائدة لي وللمسلمين في أنحاء العالم وقد وفقني الله تعالى لجمع ما تيسر لي من معلومات تفيدنا في فهم ديننا الحنيف والمساعدة على الثبات على هذا الدين الذي ارتضاه لنا سبحانه ووفقنا وهدانا لأن نكون مسلمين .
وفقنا الله جميعاً لخدمة هذا الدين كل منّا بقدر إمكانياته فكلّنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته. بارك الله بالجميع وأتمنى لكم تصفّحاً مفيداً نافعاً إن شاء الله تعالى وشكراً لكم على زيارة هذا الموقع المتواضع. وما توفيقي إلا بالله العزيز الحميد فما أصبت فيه فمن الله عزّ وجل وما أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان فأسأل الله أن يغفر لي ولكم وأن يعيننا على فعل الخيرات وصالح الأعمال وأن يحسن عاقبتنا في الأمور كلّها اللهم آميـــن.
يسعدنا التسجيل في منتدانا
تحياتى لكم ...........
همسات اسلامية
اهلا وسهلا بكم بمنتديات همسات اسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حديث وشرحه

+5
شجون الايمان
اثال
الساعي إلى الفردوس
تسنيم الجنان
القعقاع
9 مشترك

صفحة 3 من اصل 4 الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع السبت 4 يونيو - 12:48




الحديث الحادي والعشرين

عَنِ أَبيْ عَمْرٍو، وَقِيْلَ،أَبيْ عمْرَةَ سُفْيَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ يَارَسُوْلَ اللهِ قُلْ لِيْ فِي الإِسْلامِ قَوْلاً لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدَاً غَيْرَكَ؟ قَالَ: "قُلْ آمَنْتُ باللهِ ثُمَّ استَقِمْ"[152].
الشرح

قوله: "قل لي في الإسلام " أي في الشريعة.

قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك يعني قولاً يكون حداً فاصلاً جامعاً مانعاً.

فقال له: "قُل آمَنْتُ بِاللهِ" وهذا في القلب "ثُمَّ استَقِم" على طاعته، وهذا في الجوارح.

فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم كلمتين: "آمَنْتُ بِاللهِ" محل الإيمان القلب "ثُمَّ استَقِم" وهذا في عمل الجوارح.

وهذا حديث جامع، من أجمع الأحاديث.

فقوله: قُل آمَنْتُ يشمل قول اللسان وقول القلب.

قال أهل العلم:قول القلب:هو إقراره واعترافه.

"آمَنْتُ بِاللهِ" أي أقررت به على حسب ما يجب علي من الإيمان بوحدانيته في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.

ثم بعد الإيمان "اِستَقِم" أي سر على صراط مستقيم، فلا تخرج عن الشريعة لا يميناً ولا شمالاً.

هاتان الكلمتان جمعتا الدين كله.

فلننظر: الإيمان بالله يتضمن الإخلاص له في العبادة، والاستقامة تتضمن التمشي على شريعته عزّ وجل، فيكون جامعاً لشرطي العبادة وهما: الإخلاص والمتابعة.




القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع السبت 4 يونيو - 12:52



الحديث الثاني والعشرون

عَنْ أَبيْ عَبْدِ اللهِ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَرَأَيتَ إِذا صَلَّيْتُ المَكْتُوبَاتِ، وَصُمْتُ رَمَضانَ، وَأَحلَلتُ الحَلاَلَ، وَحَرَّمْتُ الحَرَامَ، وَلَمْ أَزِدْ عَلى ذَلِكَ شَيئاً أَدخُلُ الجَنَّة ؟ قَالَ: نَعَمْ"[153] رواه مسلم
الشرح

يقول جابر رضي الله عنه: إن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا الرجل لا نحتاج لمعرفة عينه، لأن المقصود القضية التي وقعت، ولا نحتاج إلى التعب في البحث عنه،اللهم إلا أن يكون تعيينه مما يختلف به الحكم فلابد من التعيين.

وقوله "أَرَأَيتَ" بمعنى أخبرني.

إِذا "صَليتُ المَكتوبَات" وهن خمس صلوات في اليوم والليلة كما قال عزّ وجل: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً)(النساء: الآية103) وغير الخمس لا يجب إلا لسبب يقتضيه، وهذا يُعرَف بالتأمل.

" وَصمتُ رَمَضَان" أي الشهر المعروف.

والصيام في اللغة الإمساك عن أي شيء،وفي الشرع هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس تعبداً لله عزّ وجل.

وقولنا: تعبداً لله خرج به ما لو أمسك عن المفطرات حمية لنفسه،أو تطبباً،فإن ذلك ليس بصيام شرعي،ولهذا لابد من تقييد التعاريف الشرعية بالتعبد.

" وَأَحلَلتُ الحَلالَ" أي فعلت الحلال معتقداً حله، هذا معنى قوله: "أَحلَلت" لأن أحل الشيء لها معنيان:

المعنى الأول:الاعتقاد أنه حلال.

المعنى الثاني:العمل به.

"وَحَرَّمتُ الحَرَامَ" أي اجتنبت الحرام معتقداً تحريمه.

ولكن النووي -رحمه الله- بعد أن ساق الحديث لم يقيد الحرام بكونه معتقداً تحريمه،لأن اجتناب الحرام خير وإن لم يعتقد أنه حرام، لكن إذا اعتقد أنه حرام صار تركه للحرام عبادة لأنه تركه لاعتقاده أنه حرام.

مثال ذلك: رجل اجتنب شرب الخمر،لكن لا على أنه حرام إلا أن نفسه لا تطيب به،فهذا لا إثم عليه، لكنه إذا تركه معتقداً تحريمه وأنه تركه لله صار مثاباً على هذا،وسيأتي مزيد بيان لهذا إن شاء الله في آخر الفوائد.

"أَدخُل الجَنة" يعني أأدخل الجنة، والجنة هي دار النعيم التي أعدها الله عزّ وجل للمتقين، فيها مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر،والجنة فيها فاكهة ونخيل ورمان وفيها لحم وماء وفيها لبن وعسل.

الاسم مطابق لأسماء ما في الدنيا ولكن الحقيقة مخالفة لها غاية المخالفة لقول الله تعالى: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) (السجدة:17)

وقوله تعالى في الحديث القدسي: (أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِيْنَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ،وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ،وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَر)[154]

فلا تظن أن الرمان الذي في الجنة كالرمان الذي في الدنيا، بل يختلف بجميع أنواع الاختلافات، لقوله تعالى: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) [السجدة:17] ولو كان لا يختلف لكنا نعلم بهذا .

قال: نَعَم ونعم حرف جواب لإثبات المسؤول عنه، والمعنى: نعم تدخل الجنة .


القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع الثلاثاء 7 يونيو - 14:39


الحديث الثالث والعشرون

عَنْ أَبِي مَالِكٍ الحَارِثِ بنِ عَاصِم الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: )الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيْمَانِ، والحَمْدُ للهِ تَمْلأُ الميزانَ، وسُبْحَانَ اللهِ والحَمْدُ للهِ تَمْلآنِ - أَو تَمْلأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ، وَالصَّلاةُ نُورٌ، والصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَو عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَو مُوبِقُهَا( [157]رواه مسلم.


الشرح

قوله: الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيْمَانِ أي نصفه، وذلك أن الإيمان - كما يقولون - تخلية وتحلية .

التخلية: بالطهور، والتحلية: بفعل الطاعات.

فوجه كون الطهور شطر الإيمان: أن الإيمان إما فعل وإما ترك.

والتّركُ تَطَهُّرٌ، والفعل إيجاد.

فقوله: "شَطْرُ الإِيْمَانِ" قيل في معناه: التخلي عن الإشراك لأن الشرك بالله نجاسة كما قال الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَس)(التوبة: الآية28) فلهذا كان الطهور شطر الإيمان، وقيل: إن معناه أن الطهور للصلاة شطر الإيمان، لأن الصلاة إيمان ولا تتم إلا بطهور، لكن المعنى الأول أحسن وأعمّ.

"وَالحَمْدُ للهِ تَمْلأُ المِيزَانَ" يعني قول القائل: الحمد لله يمتلئ الميزان بها، أي الميزان الذي توزن به الأعمال كما قال الله عزّ وجل: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) (الأنبياء:47)

"وَسُبْحَانَ اللهِ، وَالحَمدُ للهِ تَمْلآنِ - أو تَمْلأُ –" (أو) هذه شك من الراوي، يعني هل قال: تملآن ما بين السماء والأرض، أو قال:تملأ ما بين السماء والأرض. والمعنى لا يختلف، ولكن لحرص الرواة على تحرّي الألفاظ يأتون بمثل هذا.

"سبحان الله والحمد لله": فيها نفي وإثبات. النفي في قوله: "سُبْحَانَ اللهِ" أي تنزيهاً لله عزّ وجل عن كل ما لايليق به، والذي ينزه الله تعالىعنه ثلاثة أشياء:

الأول: صفات النقص، فلا يمكن أن يتصف بصفة نقص.

الثاني: النقص في كماله، فكماله لايمكن أن يكون فيه نقص.

الثالث: مشابهة المخلوق.

ودليل الأول قول الله عزّ وجل: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) (الفرقان:58)

فنفى عنه الموت لأنه نقص، وقوله: ( لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ)(البقرة: الآية255) فنفى عنه السِّنَة والنوم لأنهما نقص.

ودليل الثاني: قول الله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ) (قّ:38)

فخلق هذه المخلوقات العظيمة قد يوهم أن يكون بعدها نقص أي تعب وإعياء فقال: (وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ).

ودليل الثالث: قول الله تعالى: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: الآية11) حتى في الكمال الذي هوكمال في المخلوق فالله تعالى لا يماثله.

فإن قال قائل: مماثلة المخلوق نقص، فلا حاجة إلى ذكره، ووجه كون مماثلة المخلوق نقصاً أن تمثيل الكامل بالناقص يجعله ناقصاً، بل قد قال الشاعر:

ألمْ تَرَ أَنَّ السيفَ يَنْقُصُ قدرهُ إذا قيل إنَّ السّيفَ أمضى من العصا

وهو حقيقة أمضى من العصا، لكن إذا قلت:أمضى من العصا فمعناه أنه سيف رديء، حيث قارنته بالعصا.

فنقول: ننص علىنفي المماثلة للأمور التالية:

الأول: لأنها جاءت في القرآن كما في قوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)

الثاني: أن تمثيل الكامل بالناقص يجعله ناقصاً.

واعلم أن قولك: نفي المماثلة أولى من قولك: نفي المشابهة لأنه اللفظ الذي جاء في القرآن.

وَالحَمْدُ للهِ الحمد يكون على صفات الكمال، فالحمد هو وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم، فتكون هذه الجملة: "سُبْحَانَ اللهِ، والحَمْدُ للهِ" فيها: نفي النقص بالأنواع الثلاثة، وإثبات الكمال.

"تَملآنِ - أَو تَمْلأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ" والذي بين السماء والأرض مسافة لايعلمها إلا الله عزّ وجل.

وظاهر الحديث: أنها تملأُ ما بين السماء والأرض ليس في منطقتك وحدك، بل في كل المناطق.

"وَالصَّلاةُ نورٌ" أي صلاة الفريضة والنافلة نور، نور في القلب، ونور في الوجه، ونور في القبر، ونور في الحشر، لأن الحديث مطلق، وجرّب تجد.

إذا صلّيت الصلاة الحقيقية التي يحضر بها قلبك وتخشع جوارحك تحس بأن قلبك استنار وتلتذّ بذلك غاية الالتذاذ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : "جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ"[158] .

"والصَّدَقَةُ" الصدقة: بذل المال للمحتاج تقرّباً إلى الله عزّ وجل.

"بُرْهَانٌ" أي دليل على صدق إيمان المتصدّق.

وجه ذلك: أن المال محبوب للنفوس، ولايبذل المحبوب إلا في طلب ماهوأحب، وهذا يدلّ على إيمان المتصدق، ولهذا سمى النبي صلى الله عليه وسلم الصدقة برهاناً.

وَالصَّبرُ ضِيَاءٌ الصبر: حبس النفس عما يجب الصبر عنه وعليه، قال أهل العلم: والصبر ثلاثة أنواع:

الأول: صبر عن معصية الله: بمعنى أن تحبس نفسك عن فعل المحرّم حتى مع وجود السبب.

ومثاله: رجل حدثته نفسه أن يزني - والعياذ بالله - فمنع نفسه، فنقول: هذا صبر عن معصية الله.

وكما جرى ليوسف عليه السلام مع امرأة العزيز، فإن امرأة العزيز دعته إلى نفسها - والعياذ بالله - في حال هي أقوى ما يكون للإجابة، لأنها غلّقت الأبواب وقالت: هيت لك، أي تدعوه إلى نفسها، فقال: إنه ربي - أي سيدي _ أحسن مثواي إنه لايفلح الظالمون، يعني فإن خنته في أهله فأنا ظالم، ومن شدة الإلحاح همَّ بها كما قال الله عزّ وجل : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ) (يوسف: الآية24) ولم يفعل مع قوة الداعي وانتفاء الموانع، فهذا صبر عن معصية الله .

وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في السبعة الذين يظلّهم الله في ظله يوم لاظلّ إلا ظله، وذكر منهم: "رَجُلاً دَعَتْهُ امرأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ"[159] .

الثاني: صبر على طاعة الله: بأن يحبس الإنسان نفسه على الطاعة كرجل أراد أن يصلي، فدعته نفسه إلى الكسل، أو إلى الفراش، أو إلى الطعام الذي ليس بحاجة إليه،أو إلى محادثة الإخوان، ولكنه ألزم نفسه بالقيام للصلاة، فهذا صبر على طاعة الله.

الثالث: صبر على أقدار الله: فإن الله تعالى يقدر للعبد ما يلائم الطبيعة وما لايلائم، والذي لايلائم يحتاج إلى صبر، بأن يحبس نفسه عن التسخّط القلبي أو القولي أو الفعلي إذا نزلت به مصيبة.

فإذا نزل بالعبد مصيبة فإنه يحبس قلبه عن التسخط القلبي، وأن يقول إنه يرضى عن ربه عزّ وجل.

والتسخط اللساني: بأن لايدعو بالويل والثبور كما يفعل أهل الجاهلية.

والتسخط الفعلي: بأن لايشق الجيوب، ولايلطم الخدود، وما أشبه ذلك .

فهذا نسميه صبر على أقدار الله مع أنه كره أن يقع هذا الحادث.

وهناك مرتبة فوق الصبر وهي الرضا بأقدار الله، والرضا بأقدار الله أكمل حالاً من الصبر على أقدار الله.

والفرق: أن الصابر قد تألّم قلبه وحزن وانكسر، لكن منع نفسه من الحرام.

والراضي: قلبه تابع لقضاء الله وقدره، فيرضى ما اختاره الله له ولايهمّه، فهومتمشٍّ مع القضاء والقدر إيجاباً ونفياً.

ولهذا قال أهل العلم: إن الرضا أعلى حالاً من الصبر، وقالوا: إن الصبر واجب والرضا مستحب.


القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع الخميس 9 يونيو - 12:57



الحديث الرابع والعشرون

عَنْ أَبي ذرٍّ الغِفَارْي رضي الله عنه عَن النبي صلى الله عليه وسلم فيمَا يَرْويه عَنْ رَبِِّهِ عزَّ وجل أَنَّهُ قَالَ: (يَا عِبَادِيْ إِنِّيْ حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِيْ وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمَاً فَلا تَظَالَمُوْا، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُوْنِي أَهْدِكُمْ، يَاعِبَادِيْ كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فاَسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُوْنِيْ أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ تُخْطِئُوْنَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوْبَ جَمِيْعَاً فَاسْتَغْفِرُوْنِيْ أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوْا ضَرِّيْ فَتَضُرُّوْنِيْ وَلَنْ تَبْلُغُوْا نَفْعِيْ فَتَنْفَعُوْنِيْ، يَاعِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فَيْ مُلْكِيْ شَيْئَاً. يَا عِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِيْ شَيْئَاً، يَا عِبَادِيْ لَوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوْا فِيْ صَعِيْدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُوْنِيْ فَأَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِيْ إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إَذَا أُدْخِلَ البَحْرَ، يَا عِبَادِيْ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيْهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيْكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُوْمَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ)[165] رواه مسلم.


الشرح

"قوله فيمَا يَرْويَهُ" الرواية نقل الحديث "عَنْ رَبِِّهِ" أي عن الله عزّ وجل، وهذا الحديث يسمى عند المحدثين قدسياً، والحديث القدسي: كل ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عزّ وجل.

لأنه منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم تبليغاً، وليس من القرآن بالإجماع، وإن كان كل واحد منهما قد بلغه النبي صلى الله عليه وسلم أمته عن الله عزّ وجل.

وقد اختلف العلماء رحمهم الله في لفظ الحديث القدسي: هل هو كلام الله تعالى، أو أن الله تعالى أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم معناه، واللفظ لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ على قولين:

القول الأول: أن الحديث القدسي من عند الله لفظه ومعناه،لأن النبي صلى الله عليه وسلم أضافه إلى الله تعالى، ومن المعلوم أن الأصل في القول المضاف أن يكون بلفظ قائله لا ناقله،لا سيما أن النبي صلى الله عليه وسلم أقوى الناس أمانةً وأوثقهم روايةً.

القول الثاني: أن الحديث القدسي معناه من عند الله ولفظه لفظ النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك لوجهين:

الوجه الأول: لو كان الحديث القدسي من عند الله لفظاً و معنى؛لكان أعلى سنداً من القرآن؛لأن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه تعالى بدون واسطة؛كما هو ظاهر السياق، أما القرآن فنزل على النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام؛كما قال تعالى: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُس من ربك )(النحل: الآية102) ، وقال: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ*عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) [الشعراء:193-195].

الوجه الثاني:أنه لو كان لفظ الحديث القدسي من عند الله؛لم يكن بينه وبين القرآن فرق؛ لأن كليهما على هذا التقدير كلام الله تعالى،والحكمة تقتضي تساويهما في الحكم حين اتفقا في الأصل،ومن المعلوم أن بين القرآن والحديث القدسي فروق كثيرة:

منها:أن الحديث القدسي لا يتعبد بتلاوته،بمعنى أن الإنسان لايتعبد الله تعالى بمجرد قراءته؛فلا يثاب على كل حرف منه عشر حسنات،والقرآن يتعبد بتلاوته بكل حرف منه عشر حسنات.

ومنها: أن الله عزّ وجل تحدى أن يأتي الناس بمثل القرآن أو آية منه،ولم يرد مثل ذلك في الأحاديث القدسية.

ومنها:أن القرآن محفوظ من عند الله عزّ وجل؛ كما قال سبحانه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) ؛ والأحاديث القدسية بخلاف ذلك؛ ففيها الصحيح والحسن،بل أضيف إليها ما كان ضعيفاً أو موضوعاً، وهذا وإن لم يكن منها لكن نسب إليها وفيها التقديم والتأخير والزيادة والنقص.

ومنها:أن القرآن لا تجوز قراءته بالمعنى بإجماع المسلمين، أما الأحاديث القدسية؛ فعلى الخلاف في جواز نقل الحديث النبوي بالمعنى والأكثرون على جوازه.

ومنها:أن القرآن تشرع قراءته في الصلاة، ومنه ما لا تصح الصلاة بدون قراءته، بخلاف الأحاديث القدسية.

ومنها: أن القرآن لا يمسّه إلا طاهر على الأصح، بخلاف الأحاديث القدسية.

ومنها:أن القرآن لا يقرؤه الجنب حتى يغتسل على القول الراجح،بخلاف الأحاديث القدسية.

ومنها:أن القرآن ثبت بالتواتر القطعي المفيد للعلم اليقيني، فلو أنكر منه حرفاً أجمع القراء عليه؛ لكان كافراً، بخلاف الأحاديث القدسية؛ فإنه لو أنكر شيئاً منها مدعّياً أنه لم يثبت؛ لم يكفر، أما لو أنكره مع علمه أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله؛ لكان كافراً لتكذيبه النبي صلى الله عليه وسلم .

وأجاب هؤلاء عن كون النبي صلى الله عليه وسلم أضافه إلى الله، والأصل في القول المضاف أن يكون لفظ قائله بالتسليم أن هذا هو الأصل، لكن قد يضاف إلى قائله معنى لا لفظاً؛ كما في القرآن الكريم؛ فإن الله تعالى يضيف أقوالاً إلى قائليها، ونحن نعلم أنها أضيفت معنى لا لفظاً، كما في قصص الأنبياء وغيرهم، وكلام الهدهد والنملة؛ فإنه بغير هذا اللفظ قطعاً.

وبهذا يتبين رجحان هذا القول، وليس الخلاف في هذا كالخلاف بين الأشاعرة وأهل السنة في كلام الله تعالى؛ لأن الخلاف بين هؤلاء في أصل كلام الله تعالى؛ فأهل السنة يقولون: كلام الله تعالى كلام حقيقي مسموع يتكلم سبحانه بصوت وحرف، والأشاعرة لا يثبتون ذلك، وإنما يقولون: كلام الله تعالى هو المعنى القائم بنفسه، وليس بحرف وصوت، ولكن الله تعالىيخلق صوتاً يعبّر به عن المعنى القائم بنفسه، ولا شك في بطلان قولهم، وهو في الحقيقة قول المعتزلة، لأن المعتزلة يقولون القرآن مخلوق، وهو كلام الله، وهؤلاء يقولون: القرآن مخلوق، وهو عبارة عن كلام الله، فقد اتفق الجميع على أن ما بين دفتي المصحف مخلوق.

ثم لو قيل في مسألتنا - الكلام في الحديث القدسي -: إن الأَولَى ترك الخوض في هذا؛ خوفاً من أن يكون من التنطّع الهالك فاعله، والاقتصار على القول بأن الحديث القدسي ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه وكفى؛ لكان ذلك كافياً، ولعله أسلم والله أعلم.

نداءٌ من الله عزّ وجل أبلغنا به أصدق المخبرين وهو محمد صلى الله عليه وسلم.

وقوله: "يَاعِبَادِي" يشمل كل من كان عابداً بالعبودية العامة والعبودية الخاصة.

"إِنِّي حَرَّمتُ الظُّلمَ عَلَى نَفسِي" أي منعته مع قدرتي عليه، وإنما قلنا: مع قدرتي عليه لأنه لو كان ممتنعاً على الله لم يكن ذلك مدحاً ولاثناءً، إذ لايُثنى على الفاعل إلا إذا كان يمكنه أن يفعل أو لا يفعل.

فلو سألنا سائل مثلاً وقال: هل يقدر الله أن يظلم الخلق؟

فالجواب: نعم، لكن نعلم أن ذلك مستحيل بخبره، حيث قال: (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) [الكهف:49].

"وَجَعَلتُهُ بَينَكُمْ مُحَرَّمَاً" أي صيّرته بينكم محرماً.

"فَلا تَظَالَمُوا" هذا عطف معنوي على قوله: "جَعَلتُهُ بَينَكُمْ مُحَرَّمَاً" أي فبناء على كونه محرماً لاتظالموا، أي لا يظلم بعضكم بعضاً.

" يَا عِبَاديَ كُلُّكُم ضَالٌّ" أي تائه عن الطريق المستقيم "إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ" أي علمته ووفقته، و علمته هذه هداية الإرشاد و وفقته هداية التوفيق.

"فَاستَهدُونِي أَهدِكُمْ" أي اطلبوا مني الهداية لامن غيري أهدكم، وهذا جواب الأمر، وهذا كقوله: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [غافر:60]

"يَاعِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ" أي كلكم جائع إلا من أطعمه الله، وهذا يشمل ما إذا فقد الطعام، أو وجد ولكن لم يتمكن الإنسان من الوصول إليه، فالله هو الذي أنبت الزرع، وهو الذي أدرّ الضرع، وهو الذي أحيا الثمار، واقرأ من سورة الواقعة من قول الله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ* أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ*نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ*عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ*و َلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ*أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ*أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ* لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ*إِنَّا لَمُغْرَمُونَ* بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ* أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ* لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ* أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ* نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِلْمُقْوِينَ* فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) [الواقعة:58-74] ، تجد كيف تحدّى الله الخلق في هذه الآيات لابالنسبة للمأكول، ولا المشروب، ولا ما يصلح به المأكول والمشروب. فكلّنا جائع إلا من أطعمه الله.

كذلك أيضاً يمكن أن يوجد الطعام لكن قد لا يتمكن الإنسان منه:إما لكونه محبوساً، أو مصاباً بمرض، أو بعيداً عن المحل الخصب والرخاء.

"فَاسْتَطْعِمُونِي" أي اطلبوا مني الإطعام، وإذا طلبتم ذلك ستجدونه.

" أُطْعِمْكُمْ" أطعم: فعل مضارع مجزوم على أنه جواب الأمر.

"يَاعِبَادِي كُلُّكُم عَارٍ" فكلنا عار، لأننا خرجنا من بطون أمهاتناعراة.

"إِلاّ مَنْ كَسَوتُهُ فَاستَكْسُونِي أَكْسُكُمْ" سواء كان من فعل الإنسان كالكبير يشتري الثوب، أو من فعل غيره كالصغير يُشترى له الثوب، وربما يقال: إنه يشمل لباس الدين، فيشمل الكسوتين: كسوة الجسد الحسيّة، وكسوة الروح المعنوية.

"يَاعِبَادي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ" أي تجانبون الصواب، لأن الأعمال إما خطأ وإما صواب، فالخطأ مجانبة الصواب وذلك إما بترك الواجب، وإما بفعل المحرّم.

وقوله: بِالَّليْلِ الباء هنا بمعنى: (في) كما هي في قول الله تعالى: (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ*وَبِاللَّيْل) [الصافات:137-138] أي وفي الليل.

"وَأَنَا أَغفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعَاً" أي أسترها وأتجاوز عنها مهما كثرت، ومهما عظمت، ولكن تحتاج إلى الاستغفار.

"فَاستَغفِرُونِي أَغْفِر لَكُم" أي اطلبوا مغفرتي، إما بطلب المغفرة كأن يقول: اللهم اغفر لي، أو: أستغفر الله وأتوب إليه. وإما بفعل ما تكون به المغفرة، فمن قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت خطاياه ولوكانت مثل زبد البحر.

"يَاعِبَاديَ إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضُرِّيْ فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفعِي فَتَنْفَعُونِي" أي لن تستطيعوا أن تضروني ولا أن تنفعوني، لأن الضار والنافع هو الله عزّ وجل والعباد لايستطيعون هذا، وذلك لكمال غناه عن عباده عزّ وجل.

" يَاعِبَادِيَ لَو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتقَى قَلبِ رَجُلٍ وَاحدٍ مِنكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئَاً" يعني لو أن كل العباد من الإنس والجن الأولين والآخرين كانوا على أتقى قلب رجل ما زاد ذلك في ملك الله شيئاً، وذلك لأن ملكه عزّ وجل عام واسع لكل شيء، للتقيّ والفاجر.

ووجه قوله: "مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلكِي شَيئَاً" أنهم إذا كانوا على أتقى قلب رجل واحد كانوا من أولياء الله، وأولياء الله عزّ وجل جنوده، وجنوده يتسع بهم ملكه، كما لوكان للملك من ملوك الدنيا جنود كثيرون فإن ملكه يتسع بجنوده.

ثم قال: "يَاعِبَادِيَ لَو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفجَرِ قَلبِ رَجُلٍ وَاحدٍ مِنكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِن مُلْكِي شَيْئَاً" ووجه ذلك: أن الفاجر عدو لله عزّ وجل فلا ينصر الله، ومع هذا لاينقص من ملكه شيئاً لأن الله تعالى غني عنه.

"يَاعِبَادِيَ لَو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلونِي فَأَعطَيتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسأَلَتَهُ" أي إذا قاموا في أرض واحدة منبسطة، وذلك لأنه كلما كثر الجمع كان ذلك أقرب إلى الإجابة.

"مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ البَحرَ" وهذا من باب المبالغة في عدم النقص، لأن كل واحد يعلم أنك لو أدخلت المخيط وهو الإبرة الكبيرة في البحر ثم أخرجتها فإنها لا تنقص البحر شيئاً ولا تغيره، وهذاكقوله تعالى: ( لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ)(الأعراف: الآية40)

إذ من المعلوم أن الجمل لايمكن أن يدخل في سم الخياط، فيكون هذا مبالغة في عدم دخولهم الجنة.

كذلك هنا من المعلوم أن المخيط لو أدخل في البحر لم ينقص شيئاً، فكذلك لو أن أول الخلق وآخرهم وإنسهم وجنهم سألوا الله عزّ وجل وأعطى كل إنسان مسألته مهما بلغت فإن ذلك لاينقص ما عنده إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، ومن المعلوم أن المخيط إذا أدخل البحر لاينقص البحر شيئاً، وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "يَدُ اللهِ مَلأى سحَّاءَ" أي كثيرة العطاء "الَّليلَ والنَّهَارَ" أي في الليل والنهار "أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرض فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ" أي لم ينقص "مَا فِي يَمِيْنِهِ"[166] .

يَاعِبَادِيَ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ هذه جملة فيها حصر طريقه: (إنما) أي ما هي إلا أعمالكم أُحْصِيْهَا لَكُمْ أي أضبطها تماماً بالعدّ لازيادة ولانقصان، لأنهم كانوا في الجاهلية لايعرفون الحساب فيضبطون الأعداد بالحصى، وفي هذا يقول الشاعر:

ولستُ بالأكثر منهمْ حصى وإنّما العزّة للكاثرِ

يعني أن عددكم قليل، وإنما العزة للغالب في الكثرة.

"ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا" أي في الدنيا والآخرة، وقد يكون في الدنيا فقط، وقد يكون في الآخرة فقط.

قد يكون في الدنيا فقط: فإن الكافر يجازى علىعمله الحسن لكن في الدنيا لا في الآخرة، والمؤمن قد يؤخر له الثواب في الآخرة، وقد يجازى به في الدنيا وفي الآخرة، قال الله تعالى: ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) (الشورى:20)

وقال عزّ وجل: ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيد)(الاسراء: الآية18) وقال عزّ وجل: ( وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) (الاسراء:19)

إذاً فالتوفية تكون في الدنيا دون الآخرة للكافر، أما المؤمن فتكون في الدنيا والآخرة جميعاً، أو في الآخرة فقط.

" فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ" أي من وجد خيراً من أعماله فليحمد الله على الأمرين: علىتوفيقه للعمل الصالح، وعلى ثواب الله له.

"وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ" أي وجد شراً أو عقوبة "فَلا يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفسَهُ" لأنه لم يُظلم، واللوم: أن يشعر الإنسان بقلبه بأن هذا فعل غير لائق وغير مناسب، وربما ينطق بذلك بلسانه.


القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع الخميس 16 يونيو - 13:40




الحديث الخامس والعشرون
عَنْ أَبي ذَرٍّ رضي الله عنه أَيضَاً أَنَّ أُنَاسَاً مِنْ أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالوا للنَّبي صلى الله عليه وسلم يَارَسُولَ الله: ذَهَبَ أَهلُ الدثورِ بِالأُجورِ، يُصَلُّوْنَ كَمَا نُصَلِّيْ، وَيَصُوْمُوْنَ كَمَا نَصُوْمُ، وَيَتَصَدَّقُوْنَ بفُضُوْلِ أَمْوَالِهِمْ، قَالَ: (أَوَ لَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُوْنَ؟ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيْحَةٍ صَدَقَة.وَكُلِّ تَكْبِيْرَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَحْمَيْدَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَهْلِيْلَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بالِمَعْرُوْفٍ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ وَفِيْ بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ أَيَأْتِيْ أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُوْنُ لَهُ فِيْهَا أَجْرٌ؟ قَالَ:أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فَيْ حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فَي الحَلالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ)[174] رَوَاهُ مُسْلِمٌ


الشرح

قوله: "أَنَ أُنَاسَاً" هؤلاء هم الفقراء قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم "ذَهَبَ أَهلُ الدثورِ" أي الأموال الكثيرة "بِالأُجورِ" أي الثواب عليها، وليس قصدهم بذلك الحسد، ولا الاعتراض على قدر الله، لكن قصدهم لعلهم يجدون أعمالاً يستطيعونها يقومون بها تقابل ما يفعله أهل الدثور.

"يُصَلونَ كَمَا نُصَلي،وَيَصومُونَ كَمَا نَصوم، وَيَتَصَدَّقونَ بِفُضولِ أَموَالِهم" يعني ولا نتصدق لأنه ليس عندنا شيء، فكيف يمكن أن نسبقهم أو نكون مثلهم، هذا مراد الصحابة رضي الله عنهم وليس مرادهم قطعاً الاعتراض على قدر الله عزّ وجل، ولا أن يحسدوا هؤلاء الأغنياء.

قال النبي صلى الله عليه وسلم : "أَوَلَيسَ قَد جَعَلَ اللهُ لَكُم مَا تَصَّدَّقونَ بِهِ"

الجواب: بلى، ثم بيّنَ لهم فقال: "إِنَ بِكُلِّ تَسبيحَةٍ صَدَقَةً" أي إذا قلت: سبحان الله فهي صدقة.

"وَبِكُلِّ تَكبيرَةٍ صَدَقَةً" إذا قلت الله أكبر فهذه صدقة.

"وَبِكُلِّ تَحميدَةٍ صَدَقَةً" إذا قلت الحمد لله فهذه صدقة .

" وَبِكُلِّ تَهليلَةٍ صَدَقَة" إذا قلت لا إله إلا الله فهي صدقة.

" وَأَمرٌ بِالمَعروفِ صَدَقَةٌ" إذا أمرت من رأيته مقصراً في شيء من الطاعات فهي صدقة.

" وَنَهيٌ عَن مُنكَرٍ صَدَقَةٌ" إذا رأيت شخصاً على منكر ونهيته فهي صدقة .

هذه الأشياء التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إنها صدقة يستطيعها هؤلاء الفقراء، فأنتم املئوا الزمن من التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكلها صدقات .

والأغنياء يمكن أن لا يتصدقون كل يوم، وإذا تصدقوا باليوم لا يستوعبون اليوم بالصدقة ، فأنتم قادرون على هذا.

ولما قرر النبي صلى الله عليه وسلم هذا اقتنعوا رضي الله عنهم لكن لما قال: "وَفي بُضعِ أَحَدِكُم صَدَقَةٌ" أي أن الرجل إذا أتى أهله فله بذلك صدقة، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ استفهاماً وليس اعتراضاً، لكن يريدون أن يعرفوا وجه ذلك، كيف يأتي الإنسان أهله وشهوته ويقال إنك مأجور؟! أي أن الإنسان قد يستبعد هذا ولكن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن لهم وجه ذلك فقال: "أَرَأيتُم لو وَضَعَها في حَرَامٍ أَكَانَ عَليهِ وِزر؟" والجواب: نعم يكون عليه وزر لو وضعها في حرام.

قال صلى الله عليه وسلم "فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَها في الحَلالِ كَانَ لَهُ أَجرٌ" فاستغنى عن الحرام فكان مأجوراً بهذا، وهذا ما يسمى عند العلماء بقياس العكس، أي إذا ثبت هذا ثبت ضده في ضده.



القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف هدوء الابتسامة الخميس 16 يونيو - 14:05

حديث وشرحه - صفحة 3 14503_1173515187

شرح وافي
جزاكم الله خيرا

هدوء الابتسامة
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

عدد المساهمات : 324
نقاط : 5478
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/04/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع الخميس 16 يونيو - 16:18

هدوء الابتسامة كتب:
حديث وشرحه - صفحة 3 14503_1173515187

شرح وافي
جزاكم الله خيرا


بارك الله فيكم ابنتنا الفاضلة
واكرمكم الله بما فى هذا الحديث من فوائد
من فوائد هذا الحديث:

.1مسارعة الصحابة رضي الله عنهم وتسابقهم إلى العمل الصالح،لأن هؤلاء الذين جاؤوا يقولون للرسول صلى الله عليه وسلم: إنه ذهب أهل الدثور بالأجور لا يريدون الحسد، لكن يريدون أن يفتح لهم النبي صلى الله عليه وسلم باباً يدركون به هذا السبق.

.2أن الصحابة رضي الله عنهم يستعملون أموالهم فيما فيه الخير في الدنيا والآخرة، وهو أنهم يتصدقون.

.3أن الاعمال البدنية يشترك فيها الغني والفقير، لقولهم: "يُصَلونَ كَمَا نُصَلي،وَيَصومُونَ كَمَا نَصوم" وهو كذلك، وقد يكون أداء الفقير أفضل وأكمل من أداء الغني.

.4أن النبي صلى الله عليه وسلم فتح للفقراء أبواباً من الخير، لقوله: "أَوَلَيسَ قَد جَعَلَ اللهُ لَكُم مَا تَصَّدَّقونَ بِهِ" وذكر الأبواب.

.5تقرير المخاطب بما لا يمكنه إنكاره، لقوله: "أَوَلَيسَ قَد جَعَلَ اللهُ لَكُم مَا تَصَدَّقونَ بِهِ" لأن هذا أبلغ في إقامة الحجة عليه.

.6أن ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأعمال كله صدقة، لكن هذه الصدقة منها واجب، ومنها غير واجب، ومنها متعدٍ،ومنها قاصر حسب ما سنذكره.

قال: ( إِنَّ بِكُلِّ تَسبيحَةٍ صَدَقَةً، وَبِكُلِّ تَكبيرَةٍ صَدَقَةً ، وَبِكُلِّ تَحميدَةٍ صَدَقَةً، وَبِكُلِّ تَهليلَةٍ صَدَقَةً) هذا كله قاصر ومنه واجب، ومنه غير واجب.

فالتكبير منه واجب ومنه غير واجب، فتكبير الصلوات واجب،وتكبير أذكار الصلاة بعدها مستحب،وهكذا يقال في التسبيح والتهليل.

"وَأَمرٌ بِالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهيٌ عَن مُنكَرٍ صَدَقَةٌ" هذا من الواجب، لكن الأمر بالمعروف تارة يكون واجباً وجوب عين على من قدر عليه ولم يوجد غيره،وكذلك النهي عن المنكر، وتارة يكون واجب كفاية لمن قدر عليه ولكن هناك من يقوم مقامه، وتارة يكون مستحباً وذلك في الأمر بالمعروف المستحب، والنهي عن المنكر المكروه إن صح أن يطلق عليه اسم منكر.

والأمر بالمعروف لابد فيه من شرطين:

الشرط الأول: أن يكون الآمر عالماً بأن هذا معروف، فإن كان جاهلاً فإنه لا يجوز أن يتكلم، لأنه إذا أمر بما يجهل فقد قال على الله تعالى ما لا يعلم.

الشرط الثاني:أن يعلم أن هذا المأمور قد ترك المعروف، فإن لم يعلم تركه إياه فليستفصل، ودليل ذلك أن رجلاً دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس، فقال له: "أصليت؟ قال: لا، قال: قم فصل ركعتين وتجوز فيهما"[175] فلم يأمره بصلاة ركعتين حتى سأله هل فعلهما أولا، فلابد أن تعلم أنه تارك لهذا المعروف.

والنهي عن المنكر كذلك لابد فيه من شروط:

الشرط الأول:أن تعلم أن هذا منكر بالدليل الشرعي،لا بالذوق ولا بالعادة ولا بالغيرة ولا بالعاطفة، وليس مجرد أن ترى أنه منكر يكون منكراً، فقد ينكر الإنسان ما كان معروفاً .

الشرط الثاني: أن تعلم أن هذا المخاطب قد وقع في المنكر، فإن لم تعلم فلا يجوز أن تنهى، لأنك لو فعلت لعد ذلك منك تسرعاً ولأكل الناس عرضك، بل لابد أن تعلم أن ما وقع فيه منكر، مثال ذلك:

رأيت رجلاً في البلد يأكل ويشرب في رمضان ولنقل في المسجد الحرام، فليس لك أن تنكر عليه حتى تسأله هل هو مسافر أم لا؟ لأنه قد يكون مسافراً والمسافر يجوز له أن يأكل ويشرب في رمضان، فلابد أن تعلم أن هذا المخاطب قد وقع في هذا المنكر.

الشرط الثالث: أن لا يزول المنكر إلى ما هو أعظم، فإن زال المنكر إلى ما هو أعظم كان إنكاره حراماً، لأن إنكاره يعني أننا حولناه مما هو أخف إلى ما هو أشد.

وتحت هذه المسألة أربعة أقسام:

القسم الأول:أن يزول المنكر بالكلية .

القسم الثاني:أن يخف.

القسم الثالث:أن يتحول إلى منكر مثله.

القسم الرابع:أن يتحول إلى منكر أعظم.

فإذا كان إنكار المنكر يزول فلا شك أن الإنكار واجب.

وإذا كان يخف فالإنكار واجب، لأن تخفيف المنكر أمر واجب.

وإذا كان يتحول إلى ما هو مثله فمحل نظر، هل يُرجَّح الإنكار أو لا، فقد يرجح الإنكار لأن الإنسان إذا تغيرت به الأحوال وانتقل من شيء إلى شيء ربما يكون أخف، وقد يكون الأمر بالعكس بحيث يكون بقاؤه على ما هو عليه أحسن من نقله لأنه إذا تعود التنقل انتقل إلى منكرات أخرى.

وإذا كان يتحول إلى ما هو أعظم فالإنكار حرام.

فإذا قال قائل :علل أو دلل لهذه الأقسام؟

فنقول: أما إذا كان إنكاره يقتضي زواله فوجوبه ظاهر لقول الله تعالى: (وتعاونوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ) (المائدة: الآية2) وقوله: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ )(آل عمران: الآية104) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذي نَفسي بيَده لتَأمُرنَّ بِالمَعروفِ وَتَنهَونَّ عَنِ المُنكَر وَلِتَأخُذنَّ عَلى يَدِ الظَالِمِ وَلِتَأطُرَنَّهُ عَلى الحقَِّّ أَطراً"[176] وذكر الحديث وعيداً شديداً.

أما إذا كان الإنكار يؤدي إلى تخفيفه فالتعليل أن تخفيف الشر واجب، وقد يقال: إن الأدلة السابقة دليل على هذا، لأن هذا الزائد منكر يزول بالإنكار فيكون داخلاً فيما سبق.

أما إذا كان يتحول إلى ما هو أنكر فإن الإنكار حرام، ودليل ذلك قول الله عزّ وجل : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ )(الأنعام: الآية108) فنهى عن سب آلهة المشركين مع أنه أمر واجب، لأن سب آلهتهم يؤدي إلى سب من هو منزه عن كل نقص وهو الله عزّ وجل، فنحن إذا سببنا آلهتهم سببنا بحق، وهم إذا سبوا الله سبوه عدواً بغير حق.

ويذكر عن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أنه مر مع صاحب له على قوم من التتر يشربون الخمر ويفسقون، ولم ينههم شيخ الإسلام عن هذا فقال له صاحبه: لماذا لا تنهاهم؟ وكان - رحمه الله - ممن عرف بإنكار المنكر، فقال: لو نهيت هؤلاء لقاموا إلى بيوت الناس ونهبوها وانتهكوا أعراضهم، وهذا أعظم مما هم عليه الآن - فانظر للفقه في دين الله عزّ وجل-

"وَفي بُضع أَحَدِكُم صَدَقَةٌ" هذه الصدقة قد تكون من الواجب تارة، ومن المستحب تارة.

إذا كان الإنسان يخاف على نفسه الزنى إن لم يأت أهله صار من الصدقة الواجبة، وإلا فهو من الصدقة المستحبة.

وظاهر قوله: "وَفي بُضع أَحَدِكُم صَدَقَةٌ" أن ذلك صدقة وإن كان على سبيل الشهوة لا علي سبيل الانكفاف عن الحرام، لأنه إذا كان على سبيل الانكفاف عن الحرام فالأمر واضح أنه صدقة ، لأنه يدفع الحرام بالمباح،لكن إذا كان لمجرد الشهوة فظاهر الحديث أن ذلك صدقة، وله وجه، ومن الوجوه:

الأول: أن الإنسان مأمور أن لا يمنع نفسه ما تشتهي إذا كان ذلك في غير معصية الله لقول النبي صلى الله عليه وسلم "إِنَّ لِنَفسِكَ عَليكَ حَقًّا"[177] .

والثاني:أنه إذا أتى أهله فقد أحسن إلى أهله، لأن المرأة عندها من الشهوة ما عند الرجل، فهي تشتهي الرجل كما يشتهيها، فإذا أتاها صار محسناً إليها وصار ذلك صدقة.

.7أن الصحابة رضي الله عنهم لا يتركون شيئاً مشكلاً إلا سألوا عنه، لقولهم

"أَيأتي أَحَدنَا شَهوَتَهُ وَيَكَون لَهُ فيهَا أَجر" .

وبه نعلم أن كل شيء لم يسأل عنه الصحابة مما يُظن أنه من أمور الدين فإن السؤال عنه بدعة، لأنه لو كان من دين الله لقيض الله من يسأل عنه حتى يتبين.

ومن ذلك: لما حدث النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال أن أول يوم من أيامه كسنة ، قالوا يا رسول الله هذا اليوم الذي كسنة يكفينا فيه صلاة واحدةـ فقال "لاَ، اقدِروا لَهُ قَدرَهُ" فكل شيء يحتاج إليه الناس في دينهم فإما أن يصدر من النبي صلى الله عليه وسلم ابتداءً، وإما أن يُسأل عنه، ومالم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ابتداءً ولا جواباً لسؤال وهو مما يتعلق بالدين فالسؤال عنه بدعة.

ومن ذلك ما يفعله بعض المتنطعين في أسماء الله وصفاته، أو بعض المتنطعين فيما جاء الخبر عنه من أحوال يوم القيامة، نقول لهؤلاء: إنكم مبتدعة، أو نقول على الأقل إن هذا بدعة، لأنه قد يكون السائل لا يريد أن يبتدع فنقول: هذا السؤال بدعة وإن كنا لا نصف السائل بأنه مبتدع.

فقد يكون العمل بدعة وفاعله ليس بمبتدع لأنه لا يعلم، أو لتأويل أو ما أشبه ذلك.

.8حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم حيث ضرب المثل الذي يقتنع به المخاطب، وهذا من حسن التعليم أن تقرب الأمور الحسيّة بالأمور العقلية، وذلك في قوله: "أَرَأيتُمْ لَو وَضَعَهَا فِي الحَرامِ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزرٌ، فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الحَلالِ كَانَ لَهُ أَجرٌ".

.9أن القياس حجة، فقياس الموافقة كثير جداً ولا إشكال فيه بأن تقيس هذا الشيء على هذا الشيء في حكم من الأحكام يجب هذا قياساً على هذا، ويحرم هذا قياساً على هذا.

لكن قياس العكس صحيح أيضاً،لأن النبي صلى الله عليه وسلم قاس هذا القياس قياس عكس، يعني فإذا كانت الشهوة الحرام وزراً فالشهوة الحلال أجر، وهذا واضح.

.10أن الاكتفاء بالحلال عن الحرام يجعل الحلال قربة وصدقة،لقوله: "وَفِي بُضْع أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ" والله الموفق.



القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف المعتزة بديني الخميس 16 يونيو - 20:21

نفع الله بك والدي الفاضل واثابك في الدارين
وجعل كل ماتقدم شاهدا" لك يوم القيامة
والله ما املك الاالدعاء لك على ما تتحفنا به من شرح للايات والاحاديث

حديث وشرحه - صفحة 3 Download.php?imgf=up2up.com12549570781
المعتزة بديني
المعتزة بديني
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 1356
نقاط : 7740
السٌّمعَة : 12
تاريخ التسجيل : 07/08/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع السبت 18 يونيو - 13:35

المعتزة بديني كتب:نفع الله بك والدي الفاضل واثابك في الدارين
وجعل كل ماتقدم شاهدا" لك يوم القيامة
والله ما املك الاالدعاء لك على ما تتحفنا به من شرح للايات والاحاديث

حديث وشرحه - صفحة 3 Download.php?imgf=up2up.com12549570781



وكلمة شكر لتواصلكم معنا لا تكفى
ابنتى الفاضلة
اسما على مسمى
اما بعد :
الحديث السادس والعشرون
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلُّ يَومٍ تَطْلُعُ فِيْهِ الشَّمْسُ: تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِيْنُ الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُ لَهُ عَلَيْهَا أَو تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَبِكُلِّ خُطْوَةٍ تَمْشِيْهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيْطُ الأَذى عَنِ الطَّرِيْقِ صَدَقَةٌ"[178]رواه البخاري ومسلم. .


الشرح

السلامى هي المفاصل، وقيل:العظام، والمعنى واحد لايختلف، لأن كل عظم مفصول عن الآخر بفاصل فإنه يختلف عنه في الشكل، وفي القوة، وفي كل الأمور وهذا من تمام قدرة الله عزّ وجل فليس الذراع كالعضد، وليست الأصابع كالكف، فكل ما فصل عن غيره من العظام فله ميزة خاصة، ولذلك كان على كل سلامى صدقة.

وجاء في صحيح مسلم أن السلامى ثلاثمائة وستون مفصلاً، هكذاجاء في الحديث[179]، والطب الحديث يوافق هذا - سبحان الله - مما يدل على أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم حق.

وقوله: "كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ" (كل سلامى) مبتدأ، و(من الناس) بيان لـ: (كل) أو: لـ (سلامى)، (عليه صدقة) مبتدأ وخبر (كل) والمعنى: كل مفصل عليه صدقة.

وقوله: "كُلُّ يَومٍ تَطْلُعُ فِيْهِ الشَّمسُ" يعني كل يوم يصبح على كل عضو من أعضائنا صدقة، أي ثلاثمائة وستون في اليوم، فيكون في الأسبوع ألفين وخمسمائة وعشرين.

لكن من نعمة الله أن هذه الصدقة عامة في كل القربات، فكل القربات صدقات، وهذا شيء ليس بصعب على الإنسان، مادام كل قربة صدقة فما أيسر أن يؤدي الإنسان ما يجب عليه.

ثم قال: "تَعْدِلُ بَينَ اثنَيْنِ صَدَقَة" تعدل أي تفصل بينهما إما بصلح وإما بحكم، والأولى العدل بالصلح إذا أمكن ما لم يتبين للرجل أن الحكم لأحدهما، فإن تبين أن الحكم لأحدهما حرم الصلح، وهذا قد يفعله بعض القضاة، يحاول أن يصلح مع علمه أن الحق مع المدعي أو المدعى عليه، وهذا محرم لأنه بالإصلاح لابد أن يتنازل كل واحد عما ادعاه فيحال بينه وبين حقه.

إذاً العدل بين اثنين بالصلح أو بالحكم يكون صدقة، لكن إن علم أن الحق لأحدهما فلا يصلح، بل يحكم بالحق.

"وَتُعِيْنُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ" أي بعيره مثلاً "تَحْمِلُهُ عَلَيْهَا" إذا كان لايستطيع أن يركب تحمله أنت وتضعه على الرحل هذا صدقة "أَو تَحْمِلُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ" متاعه ما يتمتع به في السفر من طعام وشراب وغيرهما، تحمله على البعير وتربطه، هذا صدقة.

"وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ" أي كلمة طيبة سواء طيبة في حق الله كالتسبيح والتكبير والتهليل، أو في حق الناس كحسن الخلق صدقة.

"وَبِكُلِّ خُطوَةٍ تَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَة" سواء بعدت المسافة أم قصرت، وإذا كان قد تطهر في بيته وخرج إلى الصلاة لايخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفع الله له بها درجة، وحطّ عنه بها خطيئة.

فيكتسب شيئين: رفع الدرجة، وحطّ الخطيئة.

وقد استحب بعض العلماء - رحمهم الله - أن يقارب الإنسان خطواته إذا ذهب إلى المسجد، ولكن هذا استحباب في غير موضعه، ولادليل عليه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر أن بكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة لم يقل: فليدن أحدكم خطواته، ولو كان هذا أمراً مقصوداً مشروعاً لبيّنه النبي صلى الله عليه وسلم . ولكن لايباعد الخطا قصداً ولايدنيها قصداً، بل يمشي على عادته.

وهذا نظير قول بعضهم: يستحب لمن دخل المسجد أن ينوي الاعتكاف مدة لبثه فيه ليحصل له انتظار الصلاة والاعتكاف، مثال ذلك:

حضر الإنسان إلى المسجد الجامع في الساعة الواحدة يوم الجمعة، قالوا: ينبغي أن ينوي الاعتكاف مدة لبثه فيه ليحصل له ثواب الاعتكاف وثواب انتظار الصلاة، وهذا في غير محلّه ولاصحة له. لأنه لو كان هذا أمراً محبوباً إلى الله ومشروعاً في الإسلام لبينه النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد تكلم على ثواب من راح في الساعة الأولى، ثم الثانية، ثم الثالثة،ثم الرابعة ، ثم الخامسة ولم يقل للناس:انووا الاعتكاف مدة لبثكم في المسجد.

فهذا مما يستحسنه بعض العلماء، ولكن لايتفطن أن استحباب شيء يتقرب به الإنسان إلى الله عزّ وجل بدون أصل يعتبر بدعة لا صحة له.

ثم إن الاعتكاف المشروع الذي يُطلب من الإنسان ويقال اعتكف هو الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان فقط، فلا يقال للإنسان اعتكف في أي وقت إلا في هذه العشر.

والدليل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من رمضان يتحرى ليلة القدر، ثم اعتكف العشر الأوسط، ثم قيل له: إنها في العشر الأواخر. فاعتكف العشر الأواخر[180] ،ولم يعد إلى اعتكاف العشر الأول ولا الأوسط في العام القادم مع أنه قد فعله، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فعل شيئاً أثبته.

فدل هذا على أن الاعتكاف غير مشروع في غير العشر الأواخر من رمضان، ثم إن سبب الاعتكاف هو تحرّي ليلة القدر، وليلة القدر تكون في العشر الأواخر من رمضان.

فالعبادات محددة شرعاً، ولا تكون عبادة إلا إذا وافقت الشريعة في ستة أمور، وقد سبق ذكرها.

"وَتُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيْقِ صَدَقَةٌ" أي تزيل الأذى وهو ما يؤذي المارة من حجر أو زجاج أو قاذورات فأي شيء يؤذي المارين إذا أميط عن طريقهم فإنه صدقة.



القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع الأحد 19 يونيو - 12:52



الحديث السابع والعشرون

عن النواس بن سمعان رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس )) .رواه مسلم[184] .وعن وا بصة بن معبد رضى الله عنه ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : (( جئت تسأل عن البر و الإثم ؟ )) قلت : نعم ؛ قال : (( استفت قلبك ؛ البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن اليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتوك ))[185] .
قال الشيخ - رحمه الله - حديث حسن ، رويناه في مسندي الإمام أحمد بن حنبل ، و الدارمي بإسناد حسن .



الشرح

قوله ( البر) أي الذي ذكره الله تعالى في القرآن فقال ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى )(المائدة: الآية2) والبر كلمة تدل على كثرة الخير .

( حسن الخلق ) أي حسن الخلق مع الله ، وحسن الخلق مع عباد الله ، فأما حسن الخلق مع الله فان تتلقي أحكامه الشرعية بالرضا والتسليم ، وأن لا يكون في نفسك حرج منها ولا تضيق بها ذرعا ، فإذا أمرك الله بالصلاة والزكاة والصيام وغيرها فإنك تقابل هذا بصدر منشرح.

وأيضا حسن الخلق مع الله في أحكامه القدرية ، فالإنسان ليس دائما مسرورا حيث يأتيه ما يحزنه في ماله أو في أهله أو في نفسه أو في مجتمعه والذي قدر ذلك هو الله عز وجل فتكون حسن الخلق مع الله ، وتقوم بما أمرت به وتنزجر عما نهيت عنه .

أما حسن الخلق مع الناس فقد سبق أنه : بذل الندى وكف الأذى والصبر على الأذى ، وطلاقة الوجه .

وهذا هو البر والمراد به البر المطلق ، وهناك بر خاص كبر الوالدين مثلا وهو الإحسان إليهما بالمال والبدن والجاه وسائر الإحسان .

وهل يدخل بر الوالدين في قوله ( حسن الخلق )؟

فالجواب : نعم يدخل لأن بر الوالدين لا شك أنه خلق حسن محمود كل أحد يحمد فاعله عليه .

(والإثم ) هو ضد البر لأن الله تعالى قال : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )(المائدة: الآية2) فما هو الإثم ؟

(الإثم ما حاك في نفسك ) أي تردد وصرت منه في قلق ((وكرهت أن يطلع عليه الناس)) لأنه محل ذم وعيب ، فتجدك مترددا فيه وتكره أن يطلع الناس عليك وهذه الجملة إنما هي لمن كان قلبه صافيا سليما ، فهذا هو الذي يحوك في نفسه ما كان إثما ويكره أن يطلع عليه الناس .

أما المتمردون الخارجون عن طاعة الله الذين قست قلوبهم فهؤلاء لا يبالون ، بل ربما يتبجحون بفعل المنكر والإثم ، فالكلام هنا ليس عاما لكل أحد بل هو خاص لمن كان قلبه سليما طاهرا نقيا ؛ فإنه إذا هم بإثم وإن لم يعلم أنه إثم من قبل الشرع تجده مترددا يكره أن يطلع الناس عليه ، وهذا ضابط وليس بقاعدة ، أي علامة على الإثم في قلب المؤمن .

القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع الأربعاء 22 يونيو - 13:54




الحديث الثامن والعشرون

عَن أَبي نَجِيحٍ العربَاضِ بنِ سَاريَةَ رضي الله عنه قَالَ: وَعَظَنا رَسُولُ اللهِ مَوعِظَةً وَجِلَت مِنهَا القُلُوبُ وَذَرَفَت مِنهَا العُيون. فَقُلْنَا: يَارَسُولَ اللهِ كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوصِنَا، قَالَ: (أُوْصِيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ عز وجل وَالسَّمعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافَاً كَثِيرَاً؛ فَعَلَيكُمْ بِسُنَّتِيْ وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المّهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فإنَّ كلّ مُحدثةٍ بدعة، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ)[191] رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح.


الشرح

قوله:"وَعَظَنا" الوعظ:التذكير بما يلين القلب سواء كانت الموعظة ترغيباً أو ترهيباً، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتخول أصحابه بالموعظة أحياناً.

وقوله: "وَجلَت مِنهَا القُلُوبُ" أي خافت منها القلوب كما قال الله تعالى: (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ )(الأنفال: الآية2) .

" وَذَرَفَت مِنهَا العُيون" أي ذرفت الدموع، وهو كناية عن البكاء.

" فَقُلنَا يَا رَسُول الله:كَأنَّها" أي هذه الموعظة "مَوعِظَةَ مُوَدِِّعٍ" وذلك لتأثيرها في إلقائها،وفي موضوعها،وفي هيئة الواعظ لأن كل هذا مؤثر،حتى إننا في عصرنا الآن تسمع الخطيب فيلين قلبك وتخاف وتبكي، فإذا سمعته مسجلاً لم تتأثر، فتأثير المواعظ له أسباب منها: الموضوع،وحال الواعظ،وانفعاله.

" قَالَ أوصيكُم بِتَقوَى الله عزّ وجل" هذه الوصية مأخوذة من قول الله تعالى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)(النساء: الآية131) فتقوى الله رأس كل شيء.

ومعنى التقوى: طاعة الله بامتثال أمره واجتناب نهيه على علم وبصيرة.

ولهذا قال بعضهم في تفسيرها: أن تعبد الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك ما حرم الله، على نور من الله، تخشى عقاب الله.

وقال بعضهم:

خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى

واعمل كماش فوق أ ر ض الشوك يحذر ما يرى

لاتحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى

" وَالسَّمعُ والطَّاعَة" أي لولاة الأمر بدليل قوله وَإِن تَأمَّر عَليكُم والسمع والطاعة بأن تسمع إذا تكلم، وأن تطيع إذا أمر، وسيأتي إن شاء الله في بيان الفوائد حكم هذه الجملة العظيمة،لكن انظر أن النبي صلى الله عليه وسلم خصها بالذكر بعد ذكر التقوى مع أن السمع والطاعة من تقوى الله لأهميتها ولعظم التمرد عليها.

" وَإن تَأمَّر عَلَيكُم" أي صار أميراً "عبد" أي مملوكاً.

"فَإِنَّهُ مَن يَعِش مِنكُم" أي تطول به الحياة "فَسَيَرى" والسين هنا للتحقيق اختِلاَفاً كَثيراً في العقيدة، وفي العمل ، وفي المنهج، وهذا الذي حصل، فالصحابة رضي الله عنهم الذين عاشوا طويلاً وجدوا من الاختلاف والفتن والشرور ما لم يكن لهم في الحسبان.

ثم أرشدهم صلى الله عليه وسلم إلى ما يلزمونه عند هذا الاختلاف، فقال: "فَعَلَيكُم بِسَّنتي" أي الزموا سنتي، والمراد بالسنة هنا: الطريقة التي هو عليها ، فلا تبتدعوا في دين الله عزّ وجل ما ليس منه ،ولا تخرجوا عن شريعته.

" وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَاشِدين" الخلفاء الذين يخلفون رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته، وعلى رأسهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه.

فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه هو الخليفة الأول لهذه الأمة، نص النبي صلى الله عليه وسلم على خلافته نصاً يقرب من اليقين، وعامله بأمور تشير إلى أنه الخليفة بعده.

مثال ذلك: أتته امرأة في حاجة لها فوعدها وعداً، فقالت: يا رسول الله إن لم أجدك؟ قال: "ائتِي أَبَا بَكر"[192] وقال : "يَأَبَى اللهُ وَرَسُولُهُ وَالمُؤمِنونَ إِلا أَبَا بَكرٍ"[193] وأمر أن تسد جميع الأبواب المشرَّعة على المسجد إلا باب أبي بكر[194]، وجعله خليفته في الصلاة بالمسلمين حين مرض[195] ،وهذه إمامة صغرى،يشير بذلك إلى أنه يتولى الإمامة الكبرى،وجعله أميراً على الحجيج في السنة التاسعة خلفاً عنه. فهو الخليفة بالنص الذي يقرب من اليقين.

ثم الخليفة من بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأنه أولى الناس بالخلافة بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه فإنهما صاحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان كثيراً ما يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، وجئت أنا وأبو بكر وعمر ،فرأى أبو بكر رضي الله عنه أن أحق الناس بالخلافة عمر رضي الله عنه.

وخلافة عمر رضي الله عنه ثابتة شرعاً لأنها وقعت من خليفة،ثم صارت الخلافة لعثمان رضي الله عنه بمشورة معروفة رتبها عمر رضي الله عنه، ثم صارت بعد ذلك لعلي رضي الله عنه هؤلاء هم الخلفاء الراشدون لا إشكال فيهم.

وقوله: "المهديين" صفة مؤكدة لما سبق، لأنه يلزم من كونهم راشدين أن يكونوا مهديين، إذ لا يمكن رشد إلا بهداية،وعليه فالصفة هنا ليست صفة احتراز ولكنها صفة توكيد وبيان علة،يعني أنهم رشدوا لأنهم مهديون.

"عَضُّوا عَلَيهَا" أي على سنتي وسنة الخلفاء "بالنَّوَاجِذِ" وهي أقصى الأضراس ومن المعلوم أن السنة ليست جسماً يؤكل،لكن هذا كناية عن شدة التمسك بها،أي أن الإنسان يتمسك بهذه السنة حتى يعض عليها بأقصى أضراسه.

"وَإيَّاكُم" لما حث على التمسك بالسنة حذر من البدعة.

"وَإيَّاكُم وَمُحدَثَاتِ الأُمور" أي اجتنبوها،والمراد بالأمور هنا الشؤون، والمراد بالشؤون شؤون الدين،لا المحدثات في أمور الدنيا،لأن المحدثات في أمور الدنيا منها ما هو نافع فهو خير،ومنها ما هو ضار فهو شر،لكن المحدثات في أمور الدين كلها شر، ولهذا قال: "فَإِنَّ كُلَّ مُحدَثَةٍ بِدعَة" لأنها ابتدعت وأنشئت من جديد.

"كُل بِدعَةٍ ضَلالَة" أي كل بدعة في دين الله عزّ وجل فهي ضلالة
.

القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع الأربعاء 6 يوليو - 16:56





الحديث التاسع والعشرون

عَن مُعَاذ بن جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلتُ يَا رَسُولَ الله أَخبِرنِي بِعَمَلٍٍ يُدخِلُني الجَنَّةَ وَيُبَاعدني منٍ النار قَالَ: (لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيْمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيْرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللهَ لاَتُشْرِكُ بِهِ شَيْئَا، وَتُقِيْمُ الصَّلاة، وَتُؤتِي الزَّكَاة، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ البَيْتَ. ثُمَّ قَالَ: أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الخَيْرِ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيْئَةَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ، وَصَلاةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ ثُمَّ تَلا : (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) حَتَّى بَلَغَ: (يَعْلَمُونْ) [السجدة:16-17] ثُمَّ قَالَ: أَلا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ؟ قُلْتُ: بَلَى يَارَسُولَ اللهِ، قَالَ: رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلامُ وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ وَذروَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ ثُمَّ قَالَ: أَلا أُخبِرُكَ بِملاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ؟ قُلْتُ:بَلَى يَارَسُولَ اللهِ. فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا. قُلْتُ يَانَبِيَّ اللهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَامُعَاذُ. وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَو قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلسِنَتِهِمْ)[207] رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.



الشرح

هِمَمُ الصحابة رضي الله عنهم عالية، فلم يقل:أخبرني بعمل أكسب فيه العشرة عشرين أو ثلاثين أو ما أشبه بذلك ، بل قال: "أَخبِرنِي بِعَمَلٍٍ يُدخِلُني الجَنَّةَ وَيُبَاعدني من النارَ ..." أي يكون سبباً لدخول الجنة والبعد عن النار .

فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لَقَد سَأَلتَ عَنْ عَظيمٍ" أي والله عظيم، هذه هي الحياة، أن تدخل الجنة وتبتعد عن النار، هذا هو الفوز والفلاح، قال الله عزّ وجل: ( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ) (آل عمران: الآية185) ولهذا وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه عظيم، ولكن الحمد لله. "وَإِنهُ ليَسيرٌ عَلى مِنْ يَسرَهُ اللهُ عَلَيه" - اللهم يسره علينا يا رب العالمين - وصدق النبي صلى الله عليه وسلم فإن الدين الإسلامي مبني على اليسر، قال الله تعالىSadيُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )(البقرة: الآية185) ومبني على السمح قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه وهو يبعثهم إلى الجهات: "يَسِّروا ولا تُعَسِّروا، بَشِّروا وَلاَ تُنَفِّروا"[208]، "فَإِنَمَا بُعِثتُم مُيَسِّرين وَلَم تُبعَثوا مُعَسِّرين"[209] وقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ هذا الدينُ يُسر، وَلَن يُشَاد الدينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ"[210] فهو يسير لكن لمن يسره الله عليه، ثم شرح ذلك فقال:

" تَعبُدَ اللهَ" بمعنى تتذلل له بالعبادة حباً وتعظيماً، مأخوذ من قولهم: طريق معبد أي ممهد ومهيأ للسير عليه، لا تعبد الله وأنت تعتقد أن لك الفضل على الله، فتكون كمن قال الله فيهم (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ)(الحجرات: الآية17)

هذا وهم لم يمنوا على الله تعالى، بل على الرسول صلى الله عليه وسلم فقط، اعبد الله تعالى تذللاً له ومحبة وتعظيماً، فبالمحبة تفعل الطاعات، وبالتعظيم تترك المعاصي.

"لا تُشرِك بِهِ شيئاً" أي شي يكون حتى الأنبياء، بل الأنبياء ما جاؤوا إلا لمحاربة الشرك، فلا تشرك به شيئاً لا ملكاً مقرباً،ولا نبياً مرسلاً، والعبادة لها شروط نذكرها إن شاء الله في الفوائد.

قال:"وَتُقيم الصَلاةَ، وَتُؤتي الزكَاةَ، وَتَصوم رَمَضَانَ،وَتَحُج البَيتَ" هذه أركان الإسلام الخمسة ، وقد مرت.

ثم قال: "أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبوَابِ الخَيرِ" أبواب أي مسائل، وأبواب تستعمل في الباب الذي يفتح للداخل والخارج، وتستعمل في المسائل، ومن هذا قول العلماء في مؤلفاتهم:هذا الباب في كذا وكذا. وقول المحدثين: لا يصح في هذا الباب شيء، أي لا يصح في هذه المسألة شيء.

فقوله: "أَبوَابِ الخَيرِ" أي مسائل الخير، ويجوز أن يكون المراد به الباب المعروف الذي يكون منه الدخول والخروج.

"أَلا أَدُلُّكَ عَلَى أَبوَابِ الخَيرِ" والجواب: بلى، لكن حذف للعلم به، لأنه لابد أن يكون الجواب بلى.

قال: "الصَّومُ جنةٌ" أي مانع يمنع صاحبه في الدنيا ويمنع صاحبه في الآخرة.

أما في الدنيا فإنه يمنع صاحبه من تناول الشهوات الممنوعة في الصوم، ولهذا يُنهى الصائم أن يقابل من اعتدى عليه بمثل ما اعتدى عليه، حتى إنه إذا سابه أحد أو شاتمه يقول: إني صائم.

وأما في الآخرة فهو جُنَّةٌ من النار، يقيك من النار يوم القيامة.

والصوم: التعبد لله تعالى بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

"وَالصَّدَقَة تُطفِىء الخَطيئَة كَمَا يُطفِىء المَاءُ النَّارَ" الصدقة مطلقاً سواء الزكاة الواجبة أو التطوع،و سواء كانت قليلة أو كثيرة.

"تُطفِىء الخَطيئَة" أي خطيئة بني آدم، وهي المعاصي.

"كَمَا يُطفِىء المَاءُ النَّارَ" والماء يطفىء النار بدون تردد، فشبه النبي صلى الله عليه وسلم الأمر المعنوي بالأمر الحسي.

"وَصَلاةُ الرّجُل في جَوفِ اللَّيلِ" هذه معطوفة على قوله "الصدقة" أي وصلاة الرجل في جوف الليل تطفىء الخطيئة، وجوف الليل وسطه كجوف الإنسان.

ثم تلا صلى الله عليه وسلم : (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* ) [السجدة:16-17] تلا أي قرأ (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) هذا في وصف المؤمنين، أي أنهم لا ينامون (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً) إن ذكروا ذنوبهم خافوا، وإن ذكروا فضل الله طمعوا، فهم بين الخوف و الرجاء، (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) ( من ) هنا إما أن تكون للتبعيض والمعنى ينفقون بعضها، أوتكون للبيان،والمعنى ينفقون مما رزقهم الله عزّ وجل قليلاً كان أو كثيراً (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (السجدة:17) ، استشهد النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الآية على فضيلة قيام الليل،ثم قال: "أَلاَ أُخبِرُكَ بِرَأَسِ الأَمرِ،وَعَمودِهِ،وذِروَةِ سِنَامِهِ" ثلاثة أشياء:

"قُلتُ: بَلَى يَا رَسُولَ الله، قَالَ: رَأَسُ الأَمرِ الإِسلام " أمر الإنسان الذي من أجله خُلِقَ، رأسه الإسلام ، أي أن يسلم لله تعالى ظاهراً وباطناً بقلبه وجوارحه.

"وَعَمودِهِ الصلاة" أي عمود الإسلام الصلوات ،والمراد بها الصلوات الخمس، وعمود الخيمة ما تقوم عليه، وإذا أزيل سقطت.

"وَذِروَةِ سِنَامِهِ الجِهَاد في سَبيلِ الله" ذكر الجهاد أنه ذروة السنام،لأن الذروة أعلى شيء ، وبالجهاد يعلو الإسلام ، فجعله ذروة سنام الأمر، قال الله تعالى: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران:139)

وقال عزّ وجل: (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ) (محمد:35)

وقوله: "الجهاد" يعني في سبيل الله عزّ وجل والجهاد في سبيل الله بينه النبي صلى الله عليه وسلم أتم بيان، فقد سئل عن الرجل يقاتل حمية، ويقاتل شجاعة، ويقاتل ليرى مكانه، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال: "مَن قَاتَلَ لِتَكونَ كَلِمَةُ اللهِ هي العُليَا فَهوَ في سَبيلِ اللهِ"[211] فهو لم يجب عن الثلاثة التي سئل عنها بل ذكر عبارة عامة،فقال:"مَن قَاتَلَ لِتَكونَ كَلِمَةُاللهِ هي العُليَا فَهوَ في سَبيلِ اللهِ" ثم قال: "أَلاَ أُخبِرُكَ بِمَلاك ذَلكَ كُله" ملاك الشيء ما يملك به، والمعنى ما تملك به كل هذا .

"قُلتُ:بَلَى يَا رَسُول الله، قَالَ: فَأَخذ بِلِسانِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَليكَ هَذا" أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه وقال: "كُفَّ عَليكَ هَذا" أي لاتطلقه في القيل والقال، وقد تقدم قوله: "مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَليَقُل خَيرَاً أَو ليَصمُت" فلا تتكلم إلا بخير.

"قُلتُ: يَا نَبيَّ الله وَإِنَّا لَمؤاخِذونَ بِما نَتَكَلّم بِه" الجملة خبرية لكنها استفهامية والمعنى:أإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ يعني أن معاذاً رضي الله عنه تعجب كيف يؤاخذ الإنسان بما يتكلم به.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم حثاً على أن يفهم: "ثَكِلَتكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذ" أي فقدتك، وهذه الكلمة يقولها العرب للإغراء والحث،ولا يقصدون بها المعنى الظاهر، وهو أن تفقده أمه، لكن المقصود بها الحث والإغراء.

وقال بعض العلماء: إن هذه الجملة على تقدير شرط والمعنى:ثكلتك أمك يا معاذ إن لم تكف لسانك، ولكن المعنى الأول أوضح وأظهر، وأنها تدل على الإغراء والحث ، ولهذا خاطبه بالنداء فقال : يا معاذ.

"وَهَل يَكُبُّ النَّاسَ في النارِ عَلى وجُوهِهم، أَو قَالَ: عَلَى منَاخِرهِم" هذا شك من الراوي "إِلا حَصائدُ أَلسِنَتِهم" أي ما يحصدون بألسنتهم من الأقوال.

لما قال هذا الكلام اقتنع معاذ رضي الله عنه وعرف أن ملاك الأمر كف اللسان،لأن اللسان قد يقول الشرك، وقد يقول الكفر، وقد يقول الفحشاء، فهو ليس له حد.


القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع الأربعاء 6 يوليو - 16:59


الحديث الثلاثون

عَنْ أَبِيْ ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ جُرثُومِ بنِ نَاشِرٍ رضي الله عنه عَن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُودَاً فَلا تَعْتَدُوهَا وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلا تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلا تَبْحَثُوا عَنْهَا)[221] حديث حسن رواه الدارقطني وغيره.


الشرح

" فَرَضَ" أي أوجب قطعاً، لأنه من الفرض وهو القطع.

" فَرَائِضَ" ولا نقول: ( فرائضاً) لأنها اسم لا ينصرف من أجل صيغة منتهى الجموع.

" فَرَضَ فَرَائِضَ" مثل الصلوات الخمس، والزكاة، والصيام،والحج،وبر الوالدين، وصلة الأرحام، ومالا يحصى.

" فَلا تُضَيِّعُوهَا" أي تهملوها فتضيع ، بل حافظوا عليها.

"وَحَدَّ حُدودَاً فَلا تَعتَدوها" الحد في اللغة المنع، ومنه الحد بين الأراضي لمنعه من دخول أحد الجارين على الآخر، وفي الاصطلاح قيل:إن المراد بالحدود الواجبات والمحرمات.

فالواجبات حدود لا تُتعدى، والمحرمات حدود لا تقرب.

وقال بعضهم: المراد بالحدود العقوبات الشرعية كعقوبة الزنا، وعقوبة السرقة وما أشبه ذلك.

ولكن الصواب الأول،أن المراد بالحدود في الحديث محارم الله عزّ وجل الواجبات والمحرمات، لكن الواجب نقول:لا تعتده أي لاتتجاوزه، والمحرم نقول: لا تقربه، هكذا في القرآن الكريم لما ذكر الله تعالى تحريم الأكل والشرب على الصائم قال: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا )(البقرة: الآية229) ولما ذكر العدة وما يجب فيها قال: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقرَبُوهَا )[البقرة:187].

"وَحَرَّمَ أَشيَاء" (أشياء) منصوبة بدون تنوين لوجود ألف التأنيث الممدودة.

"فَلا تَنتَهِكوهَا" أي فلا تفعلوها، مثل :الزنا، وشرب الخمر، والقذف، وأشياء كثيرة لا تحصى.

"وَسَكَتَ عَنْ أَشيَاء رَحمَةً لَكُمْ غَيرَ نسيَان فَلا تَبحَثوا عَنهَا" سكت عن أشياء أي لم يحرمها ولم يفرضها.

قال: سكت بمعنى لم يقل فيها شيئاً ، ولا أوجبها ولا حرمها.

وقوله: "غَيْرَ نسيَان" أي أنه عزّ وجل لم يتركها ناسياً ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً)(مريم: الآية64) ولكن رحمة بالخلق حتى لا يضيق عليهم.

"فَلا تَبحَثوا عَنهَا" أي لا تسألوا، مأخوذ من بحث الطائر في الأرض، أي لا تُنَقِّبُوا عنها،بل دعوها.


القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع السبت 9 يوليو - 13:55



الحديث الحادي والثلاثون

عَنْ أَبي العَباس سَعدِ بنِ سَهلٍ السَّاعِدي رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله: دُلَّني عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمَلتُهُ أَحَبَّني اللهُ، وَأَحبَّني النَاسُ ؟ فَقَالَ: (ازهَد في الدُّنيَا يُحِبَّكَ اللهُ ، وازهَد فيمَا عِندَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ)[227] حديث حسن رواه ابن ماجة وغيره بأسانيد حسنة.


الشرح

قوله "جَاءَ رَجُلٌ" لم يعين اسمه، ومثل هذا لا حاجة إليه، ولاينبغي أن نتكلف بإضاعة الوقت في معرفة هذا الرجل، وهذا يأتي في أحاديث كثيرة، إلا إذا كان يترتب على معرفته بعينه اختلاف الحكم فلابد من معرفته.

وقوله: "دُلني عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَملتُهُ أَحَبَّني الله،وَأَحبَّني النَّاس" هذا الرجل طلب حاجتين عظيمتين، أولهما محبة الله عزّ وجل والثانية محبة الناس.

فدله النبي صلى الله عليه وسلم على عمل معين محدد،فقال: "ازهَد في الدُّنيَا" والزهد في الدنيا الرغبة عنها، وأن لا يتناول الإنسان منها إلا ما ينفعه في الآخرة، وهو أعلى من الورع، لأن الورع: ترك ما يضر من أمور الدنيا ، والزهد: ترك مالا ينفع في الآخرة، وترك ما لا ينفع أعلى من ترك ما يضر، لأنه يدخل في الزهد الطبقة الوسطى التي ليس فيها ضرر ولا نفع، فالزهد يتجنب مالا نفع فيه، وأما الوَرَع فيفعل ما أبيح له،لكن يترك ما يضره.

وقوله: "يُحِبكَ الله" هو بالجزم على أنه جواب : ازهَد

والدنيا: هي هذه الدار التي نحن فيها، وسميت بذلك لوجهين:

الوجه الأول: دنيا في الزمن.

الوجه الثاني: دنيا في المرتبة.

فهي دنيا في الزمن لأنها قبل الآخرة، ودنيا في المرتبة لأنها دون الآخرة بكثير جداً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَمَوضِعُ سوطِ أَحَدِكُم في الجَنَّةِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فيهَا"[228] وقال النبي صلى الله عليه وسلم "ركعَتَا الفَجرِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فيهَا"[229] إذاً الدنيا ليست بشيء.

ولذلك لا تكاد تجد أنه يمر عليك شهر أو شهران أو أكثر إلا وقد أصبت بالسرور ثم أعقبه حزن، وما أصدق وصف الدنيا في قول الشاعر:

فيوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر

وقوله: "وازهَد فيمَا عِندَ النَاس يُحِبكَ النَّاس" أي لا تتطلع لما في أيديهم، ارغب عما في أيدي الناس يحبك الناس، وهذا يتضمن ترك سؤال الناس أي أن لا تسأل الناس شيئاً، لأنك إذا سألت أثقلت عليهم، وكنت دانياً سافلاً بالنسبة لهم،فإن اليد العليا المعطية خير من اليد السفلى الآخذة.

القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع الأحد 10 يوليو - 22:14


الحديث الثاني والثلاثون


عنْ أَبي سَعيدٍ سَعدِ بنِ مَالِك بنِ سِنَانٍ الخُدريِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهٍِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ)[231] حَدِيْث حَسَنٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةَ، وَالدَّارَقطْنِيّ وَغَيْرُهُمَا مُسْنَدَاً، وَرَوَاَهُ مَالِكٌ في المُوَطَّأِ مُرْسَلاً عَنْ عَمْرو بنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيْهِ عَن النبي صلى الله عليه وسلم فَأَسْقَطَ أَبَا سَعِيْدٍ ،وَلَهُ طُرُقٌ يُقَوِّيْ بَعْضُهَا بَعْضَاً.



الشرح

"لاَ ضَرَرَ" الضرر معروف،والضرر يكون في البدن ويكون في المال، ويكون في الأولاد، ويكون في المواشي وغيرها.

"ولا ضرار" أي ولا مضارة والفرق بين الضرر والضرار:

أن الضرر يحصل بدون قصد، والمضارة بقصد، ولهذا جاءت بصيغة المفاعلة.

مثال ذلك: رجل له جار وعنده شجرة يسقيها كل يوم، وإذا بالماء يدخل على جاره ويفسد عليه، لكنه لم يعلم، فهذا نسمية ضرراً.

مثال آخر: رجل بينه وبين جاره سوء تفاهم، فقال : لأفعلن به ما يضره، فركب موتوراً له صوت كصوت الدركتر عند جدار جاره وقصده الإضرار بجاره، فهذا نقول مضار.

والمضار لا يرفع ضرره إذا تبين له بل هو قاصده، وأما الضرر فإنه إذا تبين لمن وقع منه الضرر رفعه.

وهذا الحديث أصل عظيم في أبواب كثيرة، ولا سيما في المعاملات:كالبيع والشراء والرهن والارتهان، وكذلك في الأنكحة يضار الرجل زوجته أو هي تضار زوجها، وكذلك في الوصايا يوصي الرجل وصية يضر بها الورثة.

فالقاعدة: متى ثبت الضرر وجب رفعه، ومتى ثبت الإضرار وجب رفعه مع عقوبة قاصد الإضرار.

من ذلك مثلاً: كانوا في الجاهلية يطلق الرجل المرأة فإذا شارفت انقضاء العدة راجعها، ثم طلقها ثانية فإذا شارفت انقضاء العدة راجعها، ثم طلقها ثالثة ورابعة، لقصد الإضرار،فرفع الله تعالى ذلك إلى حد ثلاث طلقات فقط.

مثال آخر:رجل طلق امرأته ولها أولاد منه،حضانتهم للأم إلا إذا تزوجت، والمرأة تريد أن تتزوج ولكن تخشى إذا تزوجت أن يأخذ أولاده، فتجده يهددها ويقول:إن تزوجتي أخذت الأولاد،وهو ليس له رغبة في الأولاد ولا يريدهم،ولو أخذهم لأضاعهم لكن قصده المضارة بالمرأة بأن لا تتزوج، فهذا لا شك أنه حرام وعدوان عليها، ولو تزوجت وأخذ أولادها منها مع قيامها بواجب الحضانة ورضا زوجها الثاني بذلك، لكن قال:أريد أن أضارها،ونعرف أنه إذا أخذهم لم يهتم بهم، بل ربما يدعهم تحت رعاية ضرة أمهم، يعني الزوجة الثانية، وما ظنك إذا كان أولاد ضرتها تحت رعايتها سوف تهملهم، وسوف تقدم أولادها عليهم، وسوف تهينهم، ولكنه أخذهم للمضارة، فهذا لا شك أنه من المحرم.

مثال آخر:رجل أوصى بعد موته بنصف ماله لرجل آخر من أجل أن ينقص سهام الورثة، فهذا محرم عليه مع أن للورثة أن يبطلوا ما زاد على الثلث.

مثال آخر:رجل له ابن عم بعيد لا يرثه غيره، فأراد أن يضاره وأوصى بثلث ماله مضارة لابن العم البعيد أن لا يأخذ المال، فهذا أيضاً حرام.

ولو سرنا على هذا الحديث لصلحت الأحوال، لكن النفوس مجبولة على الشح والعدوان، فتجد الرجل يضار أخاه،وتجده يحصل منه الضرر ولا يرفع الضرر.

يقول المؤلف - رحمه الله - حديث حسن رواه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما مسنداً أي متصل السند.

وقوله ورواه مالك في الموطأ مرسلاً عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فأسقط أبا سعيد والحديث إذا سقط منه الصحابي سمي مرسلاً، ولكن النووي- رحمه الله- قال: وله طرق يقوي بعضها بعضاً ولا شك أنه إذا تعددت طرق الحديث وإن كان كل طريق على انفراده ضعيفاً فإنه يقوى، ولهذا قال الشاعر:

لا تخاصم بواحد أهل بيت فضعيفان يغلبان قوياً

هذا الحديث يعتبر قاعدة من قواعد الشريعة، وهي أن الشريعة لا تقر الضرر، وتنكر الإضرار أشد وأشد والله الموفق.

القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع الخميس 28 يوليو - 14:03




الحديث الثالث والثلاثون

عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدعوَاهُمْ لادَّعَى رِجَالٌ أَمْوَال قَومٍ وَدِمَاءهُمْ، وَلَكِنِ البَينَةُ عَلَى المُدَّعِي، وَاليَمينُ عَلَى مَن أَنكَر"[232] حديث حسن رواه البيهقي هكذا بعضه في الصحيحين.



الشرح

قوله: "لَو يُعطَى" المعطي هو من له حق الإعطاء كالقاضي مثلاً والمصلح بين الناس.

وقوله: "بِدَعوَاهُم" أي بادعائهم الشيء،سواء كان إثباتاً أو نفياً.

مثال الإثبات:أن يقول: أنا أطلب فلاناً ألف ريال.

ومثال النفي:أن ينكر ما يجب عليه لفلان، مثل أن يكون في ذمته ألف ريال لفلان،ثم يدعي أنه قضاها، أو ينكر أن يكون له عليه شيء.

"لادعى" هذا جواب "لَو"

"لادعَى رِجَال" المراد بهم الذين لا يخافون الله تعالى،وأما من خاف الله تعالى فلن يدعي ماليس له من مال أو دم، "أَموَال قَوم" أي بأن يقول هذا لي، هذا وجه.

ووجه آخر أن يقول: في ذمة هذا الرجل لي كذا وكذا ، فيدعي ديناً أو عيناً.

"وَ دِمَاءهُم" بأن يقول: هذا قتل أبي، هذا قتل أخي وما أشبه ذلك، أو يقول: هذا جرحني، فإن هذا نوع من الدماء.

فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، لأن كل إنسان لا يخاف الله عزّ وجل لا يهمه أن يدعي الأموال والدماء.

"وَلَكِنِ البَينَةُ" البينة:ما يبين به الحق، وتكون في إثبات الدعوى "عَلَى المُدَعي" "وَاليَمين" أي دفع الدعوى "عَلَى مَنْ أَنكَر" .

فهنا مدعٍ ومدعىً عليه، والمدعي : عليه البينة، والمدعى عليه: عليه اليمين ليدفع الدعوى.

"وَاليَمين عَلَى مَنْ أَنكَر" أي من أنكر دعوى المدعي.

هذا الحديث أصل عظيم في القضاء، وهو قاعدة عظيمة في القضاء ينتفع بها القاضي وينتفع بها المصلح بين اثنين وما إلى ذلك.

القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع الخميس 28 يوليو - 14:06


الحديث الرابع والثلاثون

عَنْ أَبي سَعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعتُ رِسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: (مَن رَأى مِنكُم مُنكَرَاً فَليُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ فَبِقَلبِه وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمَانِ)[235] رواه مسلم.



الشرح

"مَنْ" اسم شرط جازم،و: "رأى" فعل الشرط،وجملة "فَليُغَيرْه بَيَدِه" جواب الشرط.

وقوله: "مَنْ رَأَى" هل المراد من علم وإن لم يرَ بعينه فيشمل من رأى بعينه ومن سمع بأذنه ومن بلغه خبر بيقين وما أشبه ذلك، أو نقول: الرؤيا هنا رؤية العين، أيهما أشمل؟

الجواب :الأول،فيحمل عليه،وإن كان الظاهر الحديث أنه رؤية العين لكن مادام اللفظ يحتمل معنى أعم فليحمل عليه.

وقوله: "مُنْكَراً" المنكر:هو ما نهى الله عنه ورسوله، لأنه ينكر على فاعله أن يفعله.

" فَلْيُغَيِّرْهُ" أي يغير هذا المنكر بيده.

مثاله: من رأى مع شخص آلة لهو لا يحل استعمالها أبداً فيكسرها.

وقوله: "مُنْكَرَاً" لابد أن يكون منكراً واضحاً يتفق عليه الجميع، أي المنكر والمنكر عليه،أو يكون مخالفة المنكر عليه مبينة على قول ضعيف لا وجه له.

أما إذا كان من مسائل الاجتهاد فإنه لا ينكره.

"فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ" أي إن لم يستطع أن ينكره بيده "فَبِلِسَانِهِ" أي فلينكره بلسانه ويكون ذلك: بالتوبيخ،والزجر وما أشبه ذلك،ولكن لابد من استعمال الحكمة، كما سيأتي في الفوائد إن شاء الله، وقوله "بِلِسَانِهِ" هل نقيس الكتابة على القول؟

الجواب: نعم، فيغير المنكر باللسان، ويغير بالكتابة، بأن يكتب في الصحف أو يؤلف كتباً يبين المنكر.

"فَإنْ لَمْ يَستَطِعْ فَبِقَلْبِهِ" أي فلينكر بقلبه، أي يكرهه ويبغضه ويتمنى أن لم يكن.

" وَذَلِكَ" أي الإنكار بالقلب "أَضْعَفُ الإِيْمَانِ" أي أضعف مراتب الإيمان في هذا الباب أي في تغيير المنكر.

القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع السبت 6 أغسطس - 1:47


الحديث الخامس والثلاثون
عَنْ أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لاَ تَحَاسَدوا، وَلاَتَنَاجَشوا، وَلاَ تَبَاغَضوا، وَلاَ تَدَابَروا، وَلاَ يَبِع بَعضُكُم عَلَى بَيعِ بَعضٍ، وَكونوا عِبَادَ اللهِ إِخوَانَاً، المُسلِمُ أَخو المُسلم، لاَ يَظلِمهُ، وَلاَ يَخذُلُهُ، وَلا يكْذِبُهُ، وَلايَحْقِرُهُ، التَّقوَى هَاهُنَا - وَيُشيرُ إِلَى صَدرِهِ ثَلاَثَ مَراتٍ - بِحَسْبِ امرىء مِن الشَّرأَن يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسلِمَ، كُلُّ المُسِلمِ عَلَى المُسلِمِ حَرَام دَمُهُ وَمَالُه وَعِرضُه)[239] رواه مسلم

الشرح
قوله: "لا تَحَاسَدوا" أي لا يحسد بعضكم بعضاً.
وما هو الحسد؟
قال بعض أهل العلم:الحسد تمني زوال نعمة الله عزّ وجل على الغير، أي أن يتمنى أن يزيل نعمته على الآخر،سواء كانت النعمة مالاً أو جاهاً أو علماً أو غير ذلك.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله - الحسد:كراهة ما أنعم الله به على الغير وإن لم يتمن الزوال.
ومن المعلوم أن من لازم الكراهة أن يتمنى الزوال،لكن كلام الشيخ-رحمه الله - أدق، فمجرد ما تكره أن الله أنعم على هذا الرجل بنعمة فأنت حاسد.
"وَلا تَنَاجَشوا" أي لا ينجش بعضكم على بعض، وهذا في المعاملات، ففي البيع المناجشة: أن يزيد في السلعة وهو لا يريد شراءها، لكن يريد الإضرار بالمشتري أو نفع البائع، أو الأمرين معاً .
مثال ذلك:عرضت سلعة في السوق فسامها رجل بمائة ريال، هذا الرجل السائم تعدى عليه رجل آخر وقال:بمائة وعشرة قصده الإضرار بهذا السائم وزيادة الثمن عليه، فهذا نجش.
ورجل آخر رأى رجلاً يسوم سلعة وليس بينه وبين السائم شيء، لكن السلعة لصديق له، فأراد أن يزيد من أجل نفع صديقه البائع، فهذا حرام ولا يجوز.
ورجل ثالث: أراد الإضرار بالمشتري ونفع البائع فهذا أيضاً حرام.
قال: "وَلا تَبَاغَضوا" أي لا يبغض بعضكم بعضاً ، والبغضاء لا يمكن تعريفها، تعريفها لفظها:كالمحبة والكراهة، والمعنى: لا تسعوا بأسباب البغضاء.
وإذا وقع في قلوبكم بغض لإخوانكم فاحرصوا على إزالته وقلعه من القلوب.
"وَلا تَدَابَروا" إما في الظهور بأن يولي بعضكم ظهر بعض، أولا تدابروا في الرأي، بأن يتجه بعضكم ناحية والبعض الآخر ناحية أخرى.
"وَلاَ يَبِع بَعضُكُم عَلَى بَيعِ بَعضٍ" مثال ذلك:رأيت رجلاً باع على آخر سلعة بعشرة،فأتيت إلى المشتري وقلت: أنا أعطيك مثلها بتسعة،أو أعطيك خيراً منها بعشرة،فهذا بيع على بيع أخيه، وهو حرام.
"وَكونوا عِبَادَ اللهِ إِخوانَاً" أي صيروا مثل الإخوان،ومعلوم أن الإخوان يحب كل واحد منهم لأخيه ما يحب لنفسه.
وقوله: "عِبَادَ اللهِ" جملة اعتراضية،المقصود منها الحث على هذه الإخوة .
ثم قال: "المُسلِمُ أَخو المُسلِمِ" أي مثل أخيه في الولاء والمحبة والنصح وغير ذلك.
" لاَ يَظلِمهُ" أي لا ينقصه حقه بالعدوان عليه، أو جحد ما له ، سواء كان ذلك في الأمور المالية ،أو في الدماء،أو في الأعراض، في أي شيء.
" وَلاَ يَخذُلُهُ" أي لا يهضمه حقه في موضوع كان يحب أن ينتصر له.
مثاله:أن يرى شخصاً مظلوماً يتكلم عليه الظالم، فيقوم هذا الرجل ويزيد على الذي يتكلم عليه ولا يدافع عن أخيه المخذول ، بل الواجب نصر أخيه ولا يكذبه أي لا يخبره بالكذب، الكذب القولي أو الفعلي.
مثال القولي:أن يقول حصل كذا وكذا وهو لم يحصل.
ومثال الفعلي: أن يبيع عليه سلعة مدلسة بأن يظهر هذه السلعة وكأنها جديدة، لأن إظهاره إياها على أنها جديدة كأنه يقول بلسانه هي جديدة، فلا يحل له أن يكذبه لا بالقول ولا بالفعل.
" وَلاَ يَحْقِرُهُ" أي لا يستصغره، ويرى أنه أكبر منه، وأن هذا لا يساوي شيئاً,
ثم قال: "التَّقوى هَاهُنا" يعني تقوى الله عزّ وجل في القلب وليست في اللسان ولا في الجوارح،وإنما اللسان والجوارح تابعان للقلب.
"وَيُشيرُ إِلَى صَدرِهِ ثَلاثَ مِرَاتٍ" يعني قال: التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، تأكيداً لكون القلب هو المدبر للأعضاء.
ثم قال: "بِحَسبِ امرُىءٍ مِنَ الشَّرِّ" الباء هذه زائدة، وحسب بمعنى كافٍ و "أَن يَحْقِرُهُ" مبتدأ والتقدير حقر أخيه كافٍ في الشر، وهذه الجملة تتعلق بقوله: "وَلا يحَقِرَهُ" أي يكفي الإنسان من الإثم أن يحقر أخاه المسلم، لأن حقران أخيك المسلم ليس بالأمر الهين.
"كُل المُسلِم عَلَى المُسلِم حَرَام" ثم فسر هذه الكلية بقوله: "دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرضُهُ" يعني أنه لا يجوز انتهاك دم الإنسان ولا ماله ولا عرضه،كله حرام.

القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع السبت 6 أغسطس - 1:49


الحديث السادس والثلاثون
عَنْ أَبي هُرَيرَة رضي الله عنه عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: )مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤمِن كُربَةً مِن كُرَبِ الدُّنيَا نَفَّسَ اللهُ عَنهُ كُربَةً مِنْ كرَبِ يَوم القيامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ على مُعسرٍ يَسَّرَ الله عَلَيهِ في الدُّنيَا والآخِرَة، وَمَنْ سَتَرَ مُسلِمَاً سَتَرَهُ الله في الدُّنيَا وَالآخِرَة، وَاللهُ في عَونِ العَبدِ مَا كَانَ العَبدُ في عَونِ أخيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَريقَاً يَلتَمِسُ فيهِ عِلمَاً سَهَّلَ اللهُ لهُ بِهِ طَريقَاً إِلَى الجَنَّةِ، وَمَا اجتَمَعَ قَومٌ في بَيتٍ مِنْ بيوتِ اللهِ يَتلونَ كِتابِ اللهِ وَيتَدارَسونهَ بَينَهُم إِلا نَزَلَت عَلَيهُم السَّكينَة وَغَشيَتهم الرَّحمَة وحَفَتهُمُ المَلائِكة وَذَكَرهُم اللهُ فيمَن عِندَهُ،وَمَنْ بَطَّأ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بهِ نَسَبُهُ[250](رواه مسلم بهذا اللفظ

الشرح
قوله: "مَنْ نَفسَ" أي وسع.
"عَنْ مُؤمِنٍ كُربَةً" الكربة ما يكرب الإنسان ويغتم منه ويتضايق منه.
"مِنْ كُربِ الدنيَا" أي من الكرب التي تكون في الدنيا وإن كانت من مسائل الدين،لأن الإنسان قد تصيبه كربة من كرب الدين فينفس عنه.
"نَفَّسَ اللهُ عَنهُ كُربَةً مِنْ كُرَبِ يَومِ القيامَة" الجزاء من جنس العمل من حيث الجنس،تنفيس وتنفيس،لكن من حيث النوع يختلف اختلافاً عظيماً،فكرب الدنيا لا تساوي شيئاً بالنسبة لكرب الآخرة،فإذا نفس الله عن الإنسان كربة من كرب الآخرة كان ثوابه أعظم من عمله.
وقوله: "يَومِ القيامَة" هو الذي تقوم فيه الساعة، وسمي بذلك لثلاثة أمور:
الأول:أن الناس يقومون فيه من قبورهم لله عزّ وجل،قال الله تعالى: (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) (المطففين:6)
الثاني:أنه تقام فيه الأشهاد،كما قال الله تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) (غافر:51)
الثالث:أنه يقام فيه العدل،لقول الله تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً)(الانبياء: الآية47)
"وَمَنْ يَسَّرَ" أي سهل.
"عَلَى مُعسَر" أي ذي إعسار كما قال الله تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَة)(البقرة: الآية280)
"يَسَّرَ اللهُ عَلَيهِ في الدُّنيَا وَالآخِرَة" ويشمل هذا التيسير تيسير المال،وتيسير الأعمال، وتيسير التعليم وغير ذلك،أي نوع من أنواع التيسير.
وهنا ذكر الجزاء في موضعين:
الأول:في الدنيا، والثاني:في الآخرة.
"وَمَنْ سَتَرَ مُسلِمَاً" أي أخفى وغطى،ومنه الستارة تخفي الشيء وتغطيه، والمقصود ستر مسلماً ارتكب ما يعاب. إما في المروءة والخلق ،وإما في الدين والعمل، "سَتَرَهُ اللهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَة" .
"وَاللهُ في عَونِ العَبدِ مَا كَانَ العَبدُ في عَونِ أخيهِ" يعني أنك إذا أعنت أخاك كان الله في عونك كما كنت تعين أخاك.
ويرويه بعض العوام: ما دام العبد في عون أخيه وهذا غلط، لأنك إذا قلت ما دام العبد في عون أخيه صار عون الله لا يتحقق إلا عند دوام عون الأخ، ولم يُفهم منه أن عون الله للعبد كعونه لأخيه،فإذا قال: ما دام العبد في عون أخيه عُلم أن عون الله عزّ وجل كعون الإنسان لأخيه.
وما دام هذا اللفظ هو اللفظ النبوي فلا يعدل عنه.
"وَمَنْ سَلَكَ طَريقَاً" أي دخله ومشى فيه.
"يَلتَمِسُ فيهِ عِلمَاً" أي يطلب علماً.
"سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَريقَاً إِلَى الجَنَّةِ" يعني سهل الله له هداية التوفيق بالطريق إلى الجنة، والمراد بالعلم هنا علم الشريعة وما يسانده من علوم العربية والتاريخ وما أشبه ذلك.
أما العلوم الدنيوية المحضة كالهندسة وشبهها فلا تدخل في هذا الحديث، لكن هل هي مطلوبة أو لا؟
يأتي إن شاء الله في الفوائد.
والجنة: هي الدار التي أعدها الله تعالى لأوليائه المتقين،فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وأوصافها وأوصاف ما فيها من النعيم موجود في الكتاب والسنة بكثرة.
"وَمَا اجتَمَعَ قَومٌ في بَيتٍ مِنْ بيوتِ اللهِ" ما : نافية بدليل أنها جاء بعدها إلا المثبتة.
وبيوت الله هي المساجد، فإن المساجد هي بيوت الله عزّ وجل،كما قال الله تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ* رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) [النور:37،36].
"يَتلونَ كِتَابَ الله" أي يقرؤونه لفظاً ومعنى.
أما اللفظ فظاهر،وأما المعنى : فالبحث في معاني القرآن.
"وَيَتَدَارَسونَهُ بَينَهُم" أي يدرس بعضهم على بعض هذا القرآن.
"إِلا نَزَلَت عَلَيهم السَّكينَة" أي طمأنينة القلب،وانشراح الصدر.
"وَغَشيَتهم الرَّحمَة" أي غطتهم، والرحمة هنا يعني رحمة الله عزّ وجل.
"وَحَفَّتهُم المَلائِكة" أي أحاطت بهم إكراماً لهم.
"وَذكرهُم اللهُ فيمَن عِنده" أي أن هؤلاء القوم الذين اجتمعوا في المسجد يتدارسون كلام الله عزّ وجل يذكرهم الله فيمن عنده،وهذا كقوله تعالى في الحديث القدسي: "من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم"[251] فإذا ذكرت الله في ملأ بقراءة القرآن أو غيره فإن الله تعالى يذكرك عند ملأ خير من الملأ الذي أنت فيهم.
وَمَنْ بَطَّأ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرع بِهِ نَسَبُهُ بطأ: بمعنى أخَّر، والمعنى: من أخره العمل لم ينفعه النسب،لقوله تعالى: ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )(الحجرات: الآية13)

القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع الأربعاء 10 أغسطس - 21:24


الحديث السابع والثلاثون
عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم فِيْمَا يَرْوِيْهِ عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّ الله كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ؛ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً،وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمائَةِ ضِعْفٍ إِلىَ أَضْعَاف كَثِيْرَةٍ. وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً،وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً)[256] رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ في صَحِيْحَيْهِمَا بِهَذِهِ الحُرُوْفِ.

الشرح
قوله "فيمَا يَرويهِ عَنْ رَبِّهِ" يسمى هذا الحديث عند العلماء حديثاً قدسياً.
قوله "كَتَبَ" أي كتب وقوعها وكتب ثوابها، فهي واقعة بقضاء الله وقدره المكتوب في اللوح المحفوظ، وهي أيضاً مكتوب ثوابها كما سيبين في الحديث.
أما وقوعها: ففي اللوح المحفوظ.
وأما ثوابها: فبما دل عليه الشرع.
" ثُمَ بَيَّنَ ذَلِك" أي فصله.
"فَمَن هم بِحَسَنةٍ فَلَم يَعمَلهَا كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً" والمهم هنا ليس مجرد حديث النفس، لأن حديث النفس لا يكتب للإنسان ولا عليه، ولكن المراد عزم على أن يفعل ولكن تكاسل ولم يفعل، فيكتبها الله حسنة كاملة.
فإن قيل: كيف يثاب وهو لم يعمل؟
فالجواب: يثاب على العزم ومع النية الصادقة تكتب حسنة كاملة.
واعلم أن من هم بالحسنة فلم يعملها على وجوه:
الوجه الأول:أن يسعى بأسبابها ولكن لم يدركها، فهذا يكتب له الأجر كاملاً، لقول الله تعالى: ( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ )(النساء: الآية100)
وكذلك الإنسان يسعى إلى المسجد ذاهباً يريد أن يصلي صلاة الفريضة قائماً ثم يعجز أن يصلي قائماً فهذا يكتب له أجر الصلاة قائماً، لأنه سعى بالعمل ولكنه لم يدركه.
الوجه الثاني:أن يهم بالحسنة ويعزم عليها ولكن يتركها لحسنة أفضل منها،فهذا يثاب ثواب الحسنة العليا التي هي أكمل، ويثاب على همه الأول للحسنة الدنيا،ودليل ذلك أن رجلاً أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة،وقال:يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس؟ فقال: "صَلِِّ هَاهُنَا" فكرر عليه، فقال له "شَأنُكَ إذاً"[257] فهذا انتقل من أدنى إلى أعلى.
الوجه الثالث:أن يتركها تكاسلاً، مثل أن ينوي أن يصلي ركعتي الضحى،فقرع عليه الباب أحد أصحابه وقال له:هيا بنا نتمشى،فترك الصلاة وذهب معه يتمشى،فهذا يثاب على الهم الأول والعزم الأول، ولكن لا يثاب على الفعل لأنه لم يفعله بدون عذر،وبدون انتقال إلى ما هو أفضل.
"وَإِن هَمَّ بِهَا فَعمَلَهَا" تكتب عشر حسنات - والحمد لله - ودليل هذا من القرآن قول الله تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (الأنعام:160)
"كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ عَشرَ حَسَنَاتٍ" هذه العشر حسنات كتبها الله على نفسه ووعد به وهو لا يخلف الميعاد.
"إلى سَبعمَائةِ ضِعف" وهذا تحت مشيئة الله تعالى، فإن شاء ضاعف إلى هذا، وإن شاء لم يضاعف.
"إلى أَضعَافٍ كَثيرةٍ" يعني أكثر من سبعمائة ضعف.
قال: "وَإِن هَمَّ بِسَيئةٍ فَلَم يَعمَلهَا كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ حَسَنةً كَامِلَةً" جاء في الحديث: "لأنهُ إِنَمّاٍ تَرَكَهَا مِن جَرائي" أي من أجلي، فتكتب حسنة كاملة،لأنه تركها لله.
واعلم أن الهم بالسيئة له أحوال:
الحال الأولى:أن يهم بالسيئة أي يعزم عليها بقلبه،وليس مجرد حديث النفس، ثم يراجع نفسه فيتركها لله عزّ وجل،فهذا هو الذي يؤجر، فتكتب له حسنة كاملة، لأنه تركها لله ولم يعمل حتى يكتب عليه سيئة.
الحال الثانية:أن يهم بالسيئة ويعزم عليها لكن يعجز عنها بدون أن يسعى بأسبابها:كالرجل الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليت لي مثل مال فلان فأعمل فيه مثل عمله وكان فلان يسرف على نفسه في تصريف ماله،فهذا يكتب عليه سيئة، لكن ليس كعامل السيئة،بل يكتب وزر نيته،كما جاء في الحديث بلفظه: "فَهوَ بِنيَّتهِ"، فَهُمَا في الوِزرِ سواء[258]
الحال الثالثة:أن يهم بالسيئة ويسعى في الحصول عليها ولكن يعجز، فهذا يكتب عليه وزر السيئة كاملاً، دليل ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِذَا اِلتَقَى المُسلِمَانِ بِسيفَيهِمَا فَالقَاتِل وَالمَقتول في النَّار قَالَ:يَا رَسُول الله هَذا القَاتِلُ،فَمَا بَالُ المَقتُول؟" أي لماذا يكون في النار- قَالَ: "لأَنَّهُ كَانَ حَريصَاً عَلَى قَتلِ صَاحِبِهِ"[259] فكتب عليه عقوبة القاتل.
ومثاله:لو أن إنساناً تهيأ ليسرق وأتى بالسلم ليتسلق، ولكن عجز، فهذا يكتب عليه وزر السارق، لأنه هم بالسيئة وسعى بأسبابها ولكن عجز.
الحال الرابعة:أن يهم الإنسان بالسيئة ثم يعزف عنها لا لله ولا للعجز، فهذا لا له ولا عليه،وهذا يقع كثيراً،يهم الإنسان بالسيئة ثم تطيب نفسه ويعزف عنها، فهذا لا يثاب لأنه لم يتركها لله، ولا يعاقب لأنه لم يفعل ما يوجب العقوبة.
وعلى هذا فيكون قوله في الحديث: "كَتَبَهَا عِندَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً" أي إذا تركها لله عزّ وجل.
"وَإِن هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ سَيئةً وَاحِدةً" ، ولهذا قال الله عزّ وجل: ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)(الأنعام: الآية54) وقال الله تعالى في الحديث القدسي: "إِنَّ رَحْمَتِيْ سَبَقَتْ غَضَبِيْ"[260] وهذا ظاهر من الثواب على الأعمال، والجزاء على الأعمال السيئة.
قال النووي - رحمه الله - :
فانظر يا أخي وفقنا الله وإياك إلى عظيم لطف الله تعالى، وتأمل هذه الألفاظ
وقوله: "عِندَهُ" إشارة إلى الاعتناء بها.
وقوله: "كَامِلَةً" للتأكيد وشدة الاعتناء بها.
وقال في السيئة التي هم بها ثم تركها كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فأكدها بكاملة وإن عملها كتبها سيئة واحدة، فأكد تقليلها بواحدة، ولم يؤكدها بكاملة، فلله الحمد والمنة، سبحانه لا نحصي ثناءً عليه ، وبالله التوفيق.
هذا تعليق طيب من المؤلف - رحمه الله - .

القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف أبو الجود الأربعاء 10 أغسطس - 22:47


بارك الله فيكم
واثابكم
واحسن اليكم
وجعله في ميزان
حسناتكم



الحسنة بعشر امثالها

والسيئة ان فعلها تكتب سيئة

رحمه الله ما اوسعها بعباده




أبو الجود
أبو الجود
نائب المدير

عدد المساهمات : 189
نقاط : 5210
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 05/05/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع الخميس 11 أغسطس - 1:59

أبو الجود كتب:

بارك الله فيكم
واثابكم
واحسن اليكم
وجعله في ميزان
حسناتكم



الحسنة بعشر امثالها

والسيئة ان فعلها تكتب سيئة

رحمه الله ما اوسعها بعباده





ولكم بمثل ما دعوتم لنا وزيادة
وكل عام وانتم بخير

اخى فى الله ابو الجود


القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع الخميس 11 أغسطس - 17:21


الحديث الثامن والثلاثون
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيَّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ. وَمَا تَقَرَّبَ إِلِيَّ عَبْدِيْ بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلِيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ. ولايَزَالُ عَبْدِيْ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِيْ يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِيْ يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِيْ بِهَا. وَلَئِنْ سَأَلَنِيْ لأُعطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِيْ لأُعِيْذَنَّهُ)[266] رواه البخاري

الشرح
هذا حديث قدسيّ كالذي سبقه، وقد تكلمنا على ذلك.
قوله: "مَنْ عَادَى لِي وَليَّاً" أي اتخذه عدواً له، ووليُّ الله عزّ وجل بيَّنه الله عزّ وجل في القرآن، فقال: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) [يونس:62-63].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- من كان مؤمناً تقياً كان لله وليَّاً أخذه من الآية: (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) [يونس:63]
"فَقَدْ" هذا جواب الشرط "آذَنْتُهُ ِبالحَرْبِ" أي أعلنت عليه الحرب، وذلك لمعاداته أولياء الله.
"وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِيْ بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلِيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ" ولكن الفرائض تختلف كما سنبين إن شاء الله في الفوائد، إنما جنس الفرائض أحب إلى الله من جنس النوافل.
"وَلاَ يَزَالُ عَبْدِيْ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ" لايزال:هذا من أفعال الاستمرار،أي أنه يستمر يتقرب إلى الله تعالى بالنوافل حتى يحبه الله عزّ وجل،و (حتى) هذه للغاية، فيكون من أحباب الله .
"فَإِذَا أَحْبَبتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِيْ يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِيْ يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِيْ بِهَا"
قوله: "كُنْتُ سَمْعَهُ" من المعلوم أن الحديث ليس على ظاهره، لأن سمع المخلوق حادث ومخلوق وبائن عن الله عزّ وجل، فما معناه إذن؟
قيل: معناه أن الإنسان إذا كان وليّاً لله عزّ وجل وتذكر ولاية الله حفظ سمعه، فيكون سمعه تابعاً لما يرضي الله عزّ وجل.
وكذلك يقال في بصره، وفي: يده، وفي: رجله.
وقيل: المعنى أن الله يسدده في سمعه وبصره ويده ورجله، ويكون المعنى: أن يُوفّق هذا الإنسان فيما يسمع ويبصر ويمشي ويبطش. وهذا أقرب، أن المراد: تسديد الله تعالى العبد في هذه الجوارح.
وقوله: "وَلَئِنْ سَأَلَنِيْ لأَعْطيَنَّهُ" هذه الجملة تضمنت شرطاً وقسماً، السابق فيهما القسم، ولهذا جاء الجواب للقسم دون الشرط، فقال: لأَعْطِيَنَّهُ .
وقد قال ابن مالك - رحمه الله- :
واحذفْ لدى اجتماع شرط وقسم جوابَ ما أخّرت فهو ملتزم
يعني إذا اجتمع شرط وقسم فاحذف جواب المتأخر، ويكون الجواب للمتقدم، فهنا الجواب للمتقدم الذي هو القسم لأنه أتى مقروناً باللام.
"وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي" أي طلب مني أن أعيذه فأكون ملجأ له "لأعِيذَنَّهُ" فذكر السؤال الذي به حصول المطلوب، والاستعاذة التي بها النجاة من المرهوب، وأخبر أنه سبحانه وتعالى يعطي هذا المتقرب إليه بالنوافل ماسأل، ويعيذه مما استعاذ.

القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف القعقاع السبت 13 أغسطس - 18:50


الحديث التاسع والثلاثون
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: (إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ)[268] حديث حسن رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما.

الشرح
النووي -رحمه الله- في هذا الكتاب يتساهل كثيراً، فيورد أحاديث ضعيفة وربما يحسّنها هو لأنه من الحفاظ، وابن رجب - رحمه الله- في كتابه: (جامع العلوم والحكم) يتعقّبه كثيراً، ولذلك يحسن منا أن نعلّق على المتن ببيان درجة الحديث، لكن الغالب أن ما يذكره من الأحاديث الضعيفة في هذا الكتاب أن له شواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن.
هنا يقول المؤلف - رحمه الله -: رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما فلو أخذنا كلامه على العموم،لكان رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي لدخول هؤلاء في قوله: وغيرهما لكن هذا ليس بوارد، لأنه من عادتهم إذا ذكروا المخرجين الذين دون درجة الصحيحين ثم قالوا: وغيرهما فالمراد ممن هودونهما أو مثلهما، لايريدون أن يدخل من هو أعلى منهما، لأنه لو أرادوا من هو أعلى منهما لعيب علىمن ذكر الدون وأحال على الأعلى، وهذا واضح، لأن الواجب أن يذكر الأعلىثم يقال: وغيره.
قوله: "إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِيْ" اللام هنا للتعليل، أي تجاوز من أجلي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
والخطأ: أن يرتكب الإنسان العمل عن غير عمد.
والنسيان: ذهول القلب عن شيءٍ معلوم من قبل.
والاستكراه: أن يكرهه شخص على عمل محرم ولايستطيع دفعه، أي: الإلزام والإجبار.
وهذه الثلاثة أعذار شهد لها القرآن الكريم.
أما الخطأ والنسيان فقد قال الله عزّ وجل: ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )(البقرة: الآية286) وقال الله عزّ وجل: ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ )(الأحزاب: الآية5) .
وأما الإكراه: فقال الله عزّ وجل: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النحل:106)
فرفع الله عزّ وجل حكم الكفر عن المكرَه،فما دون الكفر من المعاصي من باب أولى لاشك.
إذاً هذا الحديث مهما قيل في ضعفه فإنه يشهد له القرآن الكريم كلام رب العالمين.

القعقاع
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

الاوسمه : حديث وشرحه - صفحة 3 1102280606334a47a070
عدد المساهمات : 991
نقاط : 6323
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 31/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حديث وشرحه - صفحة 3 Empty رد: حديث وشرحه

مُساهمة من طرف الزهراء الأحد 14 أغسطس - 4:10

ما شاء الله والدنا الفاضل سلمت يداك لهذا الجهد الرائع جزاك الله عنا جميعا خير الجزاء دنيا وآخرة اللهم آمين

الزهراء
شخصية مميـزة
شخصية مميـزة

عدد المساهمات : 1813
نقاط : 9149
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 26/12/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 3 من اصل 4 الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى